للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الأوَّل

احتجاج المُخالفين بتقطيعِ البخاريِّ للأحاديث وروايتها بالمعنى على انتفاء مصداقيَّة كتابِه وضعفِ أمانتِه

يُعتبر تقطيعُ المُحدِّثين للحديث واختصارُهم له ذريعةً احتجَّ بها كلُّ مَن أفقدَ الثِّقة بما يَزبُره المُصنِّفون مِن متونٍ في كُتب الحديثِ، يحتَملون بذلك منهم الغَلطَ في نقلِ غيرِ المَعنى المُرادِ، أو خوفًا مِن تصرُّفِ المُحدِّثينَ في تَشكِيلِها حسبَ أهوائِهم العقديَّة والسيَّاسية؛ فصارَ هذا التَّصرُّف مِن المُحدِّثين في متونِ بعض الأحاديث مَثْلبةً يَتقصَّدُها بالتَّشهيرِ كلُّ مُناوئٍ لهم في هذا الزَّمان (١).

والبخاريُّ قد أوفى بالنَّصيبِ الأوفرِ مِن هذا التَّشنيعِ، لِما عُرِف عنه مِن تقطيعِ بعضِ المتونِ في «صحيحِه» واختصارِها، حتَّى لقد بلغَ الفجورُ في الخصومةِ ببعضِهم، أن يَعُدَّ هذا العملَ الفَنِّيَ مِن البخاريِّ «نوعَ خيانةٍ علميَّةٍ، ناجمةٍ عن روح التَّعصُّب لمذهبِه العَقديِّ» (٢).

وبالنَّظر في كتاباتِ مَن توجَّه إلى «البخاريِّ» بالطَّعنِ في منهجِه، نجدُ أكثرَ مَن يُدَنْدِنُ حول تقطيعِه للأحاديث، ويجرِّم ذلك منه: الشَّيعة الإماميَّة، والمُعاصِرون منهم على وجهِ الخصوص؛ فكان فيما ادَّعوه عليه: أنَّه تَوسَّل بهذه


(١) كما تراه في «أضواء على السنة المحمدية» لأبو رية (ص/٧٠ - ٨٣).
(٢) انظر «أضواء على الصحيحين» لصادق النجمي (ص/١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>