للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّريقة في التَّصنيفِ لإسقاطَ أحاديثَ تشتمِل على مَنقبةٍ لعليٍّ رضي الله عنه، وحذف ما يُوهِم مَنقصةً لغيره من الخلفاءِ الرَّاشدين؛ أي أنَّ البخاريَّ كان يعمِد إلى حذفِ صدرِ المتنِ - مثلًا - أو ذيله، أو تقطيعِ المتنِ مِن وَسَطِه، لكي تخفَى المنقبةُ أو المَنقصة.

ترى هذا الافتراء في مثل قولِ (عبد الصمَّد شاكر): «كلُّ مُنصفٍ تَعمَّق بعد مُطالعة البخاريِّ في سائرِ الصِّحاح، يفهمُ بوضوحٍ أنَّ البخاري يَرى جوازَ الحذفِ والتَّغييرِ في متونِ الأحاديث بما يَراه مُناسبًا، وهذا أمرٌ خطيرٌ، يُسقِط اعتبارَ الكتابِ إلى حَدٍّ بعيد، رغمَ اشتهارِه، واعتمادِ مُعظمِ أهلِ العلمِ عليه» (١).

وفي قول (جعفر السُّبحاني): «إنَّ البخاريَّ وإنْ ذَكَر شيئًا مِن فضائل عليٍّ وأهلِ بيتِه، إلَّا أنَّ قَلمَه يرتَعِش عندما يَصِل إلى فضائلِهم، فيَعبَثُ بالحديث مهما أمكن (٢»).

أمَّا (صادق النَّجمي)! فكان أطولَ القومِ نَفسًا في التَّعريضِ بالبخاريِّ سلوكَه لهذا النَّهجِ في اختصارِ المتون وتقطيعِها، وكثيرٌ مِمَّن تَكلَّم مِن بعده في هذا مِن أهل طائفتِه إنَّما يَستقي أمثلته مِن كتابِه «أضواءٌ على الصَّحِيحين»، مِن غيرِ تثبُّتٍ مِن مَصادرِه! ولا مُبالاةٍ لتوجيهات العلماء في كشفِ مُغالطاتِهم على تصرُّفاتِ البخاريِّ.

فكان مِمَّا يزعمه هذا (النَّجميُّ)، أنَّ مِمَّا يَسلُب الاطمئنانَ والاعتمادَ على «صحيحِ البخاريِّ»، ويُوجِبُ عدمَ الوثوق بمَرويَّاته: أنَّ قِسمًا مِن أحاديثِه قد رُوِيَت بالمعنى، ولم يَنقُلها المُصنِّف بنفسِ اللَّفظِ حسبَ ما سمِعَها مِن ناقِليها.

مُستشهِدًا في ذلك بما نَقَله الخطيبُ عن البخاريِّ قال: «رُبَّ حديثٍ سمِعتُه بالبَصرة، كتَبتُه بالشَّام، ورُبَّ حديثٍ سمعتُه بالشَّامِ، كتبتُه بمصر، فقيل له:


(١) «نظرة عابرة في الصحاح الستة» (ص/٦٠).
(٢) مقدمته لـ «القول الصراح في البخاري» لفتح الله الأصبهاني (ص/ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>