للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّالث

تهكُّم بعض المُناوئين للبخاريِّ

بفتوًى تَحُطُّ مِن فَهمِه لنصوصِ الشَّريعة، وبيان كذبها عنه

لم يَقتصر أمر خصومِ البخاريِّ على أن يُسفِّهوا عقلَه في ما سَطَّره هو في «صَحيحِه»، بل تجاوَزوا هذا إلى أن يَتناقلَ بعضُ الإماميَّةِ المُعاصرينَ (١) حكايةً مُلَفَّقةً عليه، نَقَلها السَّرَخسِيُّ في «المَبسوط»، يَبْتغون بها الإزراءَ بعقلِ البخاريِّ، والحَطَّ مِن مكانتِه في فقه النُّصوص الشَّرعيَّة؛ فلقد صارت سُبَّة يَتَندَّرون بها على هذا الفَذِّ ويصمونه عليها بالبلادة.

فبعدَ أن قَرَّر السَّرَخسِيُّ (ت ٤٨٣ هـ) مسألةَ اشتراكِ الصِّبيانِ في الشُّربِ مِن لَبَنِ بهيمةٍ، أنَّه لا يُعدُّ رَضاعًا، قال: « .. ومحمَّد بن إسماعيل -صاحب الأخبارِ رحمه الله تعالى- يقول: يَثبتُ به حُرمة الرَّضاع! فإنَّه دَخَل بُخارى في زمَنِ الشَّيخِ الإمام أبي حفص -رحمه الله تعالى-، وجَعَل يُفتي، فقال له الشَّيخ -رحمه الله تعالى-: لا تَفْعَلْ! فلسْتَ هنالك، فأبَى أن يَقبلَ نُصحَه، حتَّى استُفتِيَ عن هذه المسألة: إذا أَرْضَع صبيانٌ بلَبنٍ شاةٍ، فأفتى بثبوتِ الحُرمةِ، فاجتمَعوا وأخرجوه مِن بُخارى بسببِ هذه الفتوى» (٢)!


(١) منهم شيخ الشَّريعة الأصبهاني في «القول الصُّراح» (ص/٩١)، والنَّجمي في «أضواء على الصحيحين» (ص/٦٧) وغيرهما.
(٢) «المبسوط» (٥/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>