أقسام الأحاديث المُعلَّة في «الصَّحيحين» من قِبَل المُتقدِّمين
لأجل أن تُفهمَ طبيعة التَّعليلِ القديم لأحاديثِ الكِتابين، والَّتي كانت سِمةً للعَمليَّة النَّقدية للمُحدِّثين الأُوَل، فتُتصوَّر على مُراداتِ أصحابِها ومناهجهم فيها، نُسهِّل سُبل تحصيلها للمُبتدي بإيجازٍ، عبر تقسيمِ ما تُكلِّم فيه من «الصَّحيحين» إلى أربعةِ أقسامٍ نوعيَّة، كلُّ قسمٍ نُتبعه بحكمِه ومسالكِ الأئمَّة في التَّعامل معه.
هذه الأقسام قد أشار إليها ابن حجر في معرض تقيِيمه لما وُجِّه إلى أحاديث البخاريِّ من تعليلات بقوله:«ليست كلُّها قادحة، بل أكثرها الجواب عنه ظاهر، والقدح فيه مندفع، وبعضها الجواب عنه محتمل، واليسير منه في الجواب عنه تَعسُّف»(١).
فأمَّا القسم الأوَّل: فما أخرجه أحد الشَّيخين مِن طريقٍ فيه كلامٌ، لكن جاء مِن طُرق أخرى صَحيحة في نفس كتابيهما.
فهذا النَّوع يُعِلُّ النَّاقد فيه الرِّواية الَّتي جاءت بهذا الإسنادِ المُتكلَّم فيه، لا أصل الحديث؛ وهذا القسم أمره سهل لا إشكال فيه.
وأمَّا القسم الثَّاني: فأن يُخرج الشَّيخانِ أو أحدهما حديثًا مِن طريقٍ مُتكَلَّم فيه، وله طُرقٌ أخرى أو شواهد عاضدة عند غيرهِما مِن أصحاب المُصنَّفاتِ الحديثيَّة.