للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الأوَّل

سَوق دعاوي المعارضاتِ الفكريَّة المعاصرةِ

لأحاديثِ الآياتِ الحسِّيَّة للنَّبي صلى الله عليه وسلم

مَوقف مُخالفي أهلِ السُّنَّة حيالَ أحاديث الآيات الحسيَّة للمصطفى صلى الله عليه وسلم يمكن إِجماله في مَوقفين:

الأوَّل: تأويلُها تأويلًا طَبَعِيًّا:

وهؤلاء يعمِّمون هذا التَّأويل على جميع آياتِ الأنبياء، مُتأثِّرين بطائفةٍ من الفَلاسِفة كابن سِينَا (ت ٤٢٨ هـ)، الَّذي وإن جَوَّز صدورَ الآياتِ عن الأنبياء، لكنَّه يفسرِّها تفسيرًا يسلبها خاصيَّةَ الخروجِ عن مُقتضى السُّنَن وخَرْقِ العادة، ذلك لأنَّه يُرجِعها إلى القانونِ الطَّبيعي وأسبابِه (١).

ومُحصَّل مذهب هؤلاءِ: أنَّهم لا يَقبلون التَّسليم بخرقِ تلك الآيات لنواميسِ الكونِ، وخروجها عن مَقدور الثَّقَلين، بل يحملون ما يَرونه قابلًا منها للتَّعليل حملًا لا يُخرجها عن حَدِّ القانون الطَّبيعي، بناءً على أَصلِهم الفاسد: مِن أنَّه لا يُتصَّوَر أن تَفعل القِوى والطَّبائع والمؤثِّرات إلَّا في المَواد والأَعيان القابلة لذلك.


(١) انظر «الإشارات والتنبيهات» لابن سينا (٤/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>