للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الخاتمة]

وبعد ..

فإنَّي أحمد ربِّي على جميلِ عَونِه، وتيسيرِه إتمامَ مَفاصِل هذه الرِّسالة، فله الحمد في الأولى والآخرة.

وقبل استِتْمامِ القولِ فيها، فإنَّه يحسُن لفتُ النَّظر إلى جملةٍ من النَّتائج الكُليَّة، ونُبذٍ من التَّوصيات العلميَّة.

فأمَّا النَّتائج، فيُبَرَم القولُ فيها في القضايا التَّالية:

القضيَّة الأولى: أنَّ دَعوى مُناقضة الأخبارِ النَّبويَّةِ في الصَّحيحينِ للضَّرورةِ العقليَّة أو الحِسيَّة أو العِلميَّة ونحوِها مفهومٌ لا يَصدُق، ومَنشأ هذه الدَّعوى النَّكِدة هو اختراعُ الخصومةِ بين بُرهان النَّقلِ، وبُرهان العقلِ، والبَراهين لا تَتناقض.

فكان أعظمَ ما امتازَ به أهل السُّنة على غيرهم من الطَّوائف: إصابةُ النَّظرةِ الشُّموليَّة لهذه الدَّلائل الشَّرعيَّة؛ هذه النَّظرة مُبتناةٌ على يقينهم القاضي بامتناعِ مُناكدةِ صحيح المَنقولِ لصريح المَعقول، والانحطاطُ عن رُتبة هذه النَّظرة عند كلِّ مُخالفٍ لهم إنَّما يتأتَّى من التَّقصير في فقه العلاقةِ بين هذين الدَّليلين.

القضيَّة الثَّانية: أنَّ القاسمَ المُشترَك بين الطَّوائف المُعاصِرة المُجافِية لأخبار الصَّحيحين هو الانحرافُ عن فهمِ وظيفةِ العقل، والجناية على الدَّلائل النَّقليَّة تَبَعًا لذلك؛ وحقيقة الفارق بين مواقِفها مِن آحادِ السُّنة: أنَّ مَن كان منهم إسلاميًّا سُنيًّا في الجملة، فإرادةُ تنزيهِ الشَّريعةِ عن مُناقضةِ الضَّرورةِ العقليَّة واقعٌ له بالقصدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>