أَثَر الأطروحاتِ الاستشراقيَّة في استخفاف المعاصرين بمنهج المُحدِّثين
مع مرور الزَّمن وخمولِ علمِ الحديثِ في هذه الأعصرِ المتأخِّرة، انبعثَ مِن المُستشرقين مَن جَدَّد النَّفخَ في هذه الشُّبهة، والتَّرويج لها عبر المُنتدياتِ العِلميَّة، والمجلَّات البَحثيَّة، دون إمعانٍ للنَّظر في الدَّعوى، أو إعمال للفكر في كلامِ المُدَّعى عليهم، أو سبرٍ في البحثِ في مُصنَّافتهم، زاعمين أنَّ حكمَهم على منهجِ المُحدِّثين نتاج بحث موضوعيٍّ، اقتضاه المنهج النَّقديُّ المُستحدَث في توثيقِ الأخبار.
بل هؤلاء المُستشرقون قد زادوا على تشنيعِات الأقدمينَ على المحدِّثين أمثلةً مِن عندِهم جديدة، حسِبوها شاهدةً على اختلال الأُسسِ المنهجيَّة الَّتي ابتنَى عليها المُحدِّثون صناعةَ الأخبار؛ فإذا بَلغوا مُنْيتَهم في هدمها -وهيهاتَ لهم- انهدمَ تَبعًا لهذا العلم باقي العلومِ النَّقليَّة مِن تَفسيرٍ وفقهٍ ولُغةٍ وتاريخٍ! لاعتمادِ المُشتغلين بها على منهجيَّةِ أهل الحديث في الرِّواية والإسناد،؛ وهنا تكمُن خطورةُ إسقاطِ علمِ الحديثِ على الإسلامِ كلِّه!
ترى شاهدَ هذا الالتفاتِ الخطيرِ لحربِ المُحدِّثين في مثلِ قولِ (عابدٍ الجابريِّ): « .. إنَّ الموروثَ الثَّقافي العربيَّ الإسلاميَّ الَّذي تناقلته الأجيالُ،