للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّاني

دعوى أنَّ اختلاف رواياتِ «الصَّحيح» أمارة على وقوع العبثِ بأصله

لقد أوغَلَ (غُلامي) في طعنِه بنُسخ البخاريِّ حين زادَ بتصوُّره المختلِّ للاختلافاتِ الحاصلةِ بين رواياتِه شُبهةً أخرى، يقول عن ذلك: «يُؤكِّد بعضُ المُحدِّثين من أهل السُّنة وجود روايات نُسبت إلى الصَّحيح لا توجد في نُسخِه الأخرى» (١).

واستشهدَ على دعواه بما رآه أبو العباس القرطبيُّ (ت ٦٥٦ هـ) في بعضِ النُّسَخِ القَديمةِ مِن «البخاريِّ» ما نَصُّه: «قال أبو عبد الله البخاريُّ: رأيت هذا القَدَح -يعني قَدح النَّبي صلى الله عليه وسلم الَّذي كان عند أنس بن مالك رضي الله عنه بالبَصرة وشربتُ منه، وكان اشتُري مِن ميراثِ النَّضر بن أنس بثمانمائة ألف» (٢).

فكان لازمُ هذا عند (غلامي) أنَّ النُّسَخ المتأخِّرة للصَّحيح قد أُحِدثَ فيها وغُيِّرَ، ما جَعَلها تختلف عن النُّسَخ القديمةِ بشهادة كلام القرطبيِّ عنده.

ثمَّ استرسلَ (غلامي) في محاولةِ التَّأكيدِ على الخرقِ السَّافر لمُقتضياتِ التَّوثيق السَّليم لمُدوَّنات الحديث، باستدعاءِه شاهد حديثِ ابنِ عبَّاس رضي الله عنهم،


(١) «البخاري وصحيحه» ص/١٢
(٢) «فتح الباري» (١٠/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>