للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّاني

سَوق المُعارضات الفكريَّةِ المُعاصرةِ

لحديث إغارته صلى الله عليه وسلم على بني المُصطلق

ضاقت أعطانُ بعض الكُتَّابِ المعاصرين عن اعتقادِ ما ورد في هذا الحديث، لما توهَّموه فيه من مُصادَمةٍ للقرآنِ الآمرِ بالبدء بتبليغِ الدَّعوة، وتصوير النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فيه على صورةِ جَبَّار غدَّار طمَّاعٍ في الغنيمةَ والسَّبْي!

ترى هذا الاستنكارِ لروايةِ نافعٍ في مثل قول (محمَّد الغزالي):

«نافع -غفر الله له- مُخطئ!

فدعوةُ النَّاس إلى الإسلامِ قائمةٌ ابتداءً وتكرارًا، وبنو المُصطلق لم يَقع قتالُهم إلَّا بعد أن بَلَغتهم الدَّعوة، فرَفَضوها وقرَّروا الحرب، ورواية نافعٍ هذه ليست أوَّلَ خَطأٍ يَتَورَّط فيه، فقد حَدَّث بأسوأ مِن ذلك! ..

إنَّه مع اهتزازِها، فإنَّ أهلَ الحديثِ لقلَّةِ فقهِهم رَوَّجوا لها! ..

غارةٌ بلا إنذار؟! أين هذا المَسلك مِن قوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الخَائِنِينَ} [الأنفال: ٥٨]، وقوله: {فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنبياء: ١٠٩]» (١).


(١) «السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث» (ص/١٢٧ - ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>