للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّاني

تصدير الأمَّة للصَّحيحين فرعٌ عن نقد مُحقِّقيها لهما

الحالُ أنَّ مَزيَّة «الصَّحيحين» وجَلالَتهما ثابتةٌ ثُبوتَ الجِبال الرَّواسي، «لا يُهوِّن مِن أمرِهِما إلَّا مُبتدِعٌ مُتَّبعٌ غيرَ سَبيلِ المؤمنين» (١)؛ وهذا الإجماعُ من علمائهم إنَّما هو على جمهورِ أحاديثِ «الصَّحيحين»، لا على كلِّ حرفٍ فيهما على حِدَة، هو في ذاته فضيلةٌ لم يبلغها غير الشَّيخان.

والعاقل من النَّاس يعلم أنَّ مَن نَقدَ سبعةَ آلاف درهمٍ مُتنوِّعةٍ، أتَتَه مِن بلادٍ مُختلفة، فلم يَرُج عليه منها إلَاّ دراهمُ مَعدودة، «وهي مع هذا مُغيَّرةٌ ليست مَغشوشةً مَحضةً: فهذا إمامٌ في صَنعتِه!

فالكِتابان سَبعة آلافِ حديثٍ وكَسر» (٢)، واشتمالُهما على أحرُف يَسيرةٍ خُولِفا فيها مِن حُذَّاقِ الفَنِّ لا يَعيبُهما في شيءٍ، بل مَحمدةٌ استحقَّا عليها التَّنويه من النُّقاد العارفين بوُعورة ما اشترطاه في كتابيهما، والتَّسليم للشَّيخين بالحِذقِ في هذا الفنِّ، ونُفوذ بَصيرتِهما في انتقاءِ المتونِ، وشِدَّة احتياطِهما في تَصحيحِ الأسانيد.


(١) «حجة الله البالغة» للدهلوي (١/ ٢٣٢).
(٢) «منهاج السنة» لابن تيمية (٧/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>