للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثاني

سَوق المعارضاتِ الفكريَّة المعاصرة للتَّفسير الأثريِّ لآية:

{إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ} بقتال الملائكة

أُورد على هذه الأحاديث المُخبِرةِ بقتال الملائكةِ جنبَ المسلمينَ في بدر جملةٌ مِن المعارضاتِ، ألخِّصُ جملتَها في الآتي:

المعارضة الأولى: أنَّ مَفاد الآياتِ حصرُ وظيفةِ الملائكة في بدرٍ في تبشيرِ المؤمنين وتطمينِهم، كما في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَاّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} [الأنفال: ١٠] وهذا أسلوب يفيد الحصر، فلا غرضَ من إنزالِ الملائكةِ إلَّا حصولَ البشرى، وهو ما ينفي إقدامَهم على القتالِ.

المعارضة الثَّانية: أنَّ الأمرَ في قوله تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} مُوجَّه لمِن خوطِب بهذا القرآن، وهم الصَّحابة رضي الله عنه، وليسَ الملائكة.

وفي تقرير هاتين الشُّبهتين، يقول (رشيد رضا):

«مُقتضى السِّياق أنَّ وحي الله للملائكة قد تمَّ بأمره إيَّاهم بتثبيت المؤمنين، كما يدلُّ عليه الحصر في قوله عن إمداد الملائكة: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَاّ بُشْرَى} إلخ، وقوله تعالى: {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرَّعْبَ}، بدءُ كلامٍ خوطب به النَّبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون تتمَّةً للبشرى، فيكون الأمر بالضَّرب موجَّهًا إلى المؤمنين

<<  <  ج: ص:  >  >>