أُورد على هذه الأحاديث المُخبِرةِ بقتال الملائكةِ جنبَ المسلمينَ في بدر جملةٌ مِن المعارضاتِ، ألخِّصُ جملتَها في الآتي:
المعارضة الأولى: أنَّ مَفاد الآياتِ حصرُ وظيفةِ الملائكة في بدرٍ في تبشيرِ المؤمنين وتطمينِهم، كما في قوله تعالى:{وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَاّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ}[الأنفال: ١٠] وهذا أسلوب يفيد الحصر، فلا غرضَ من إنزالِ الملائكةِ إلَّا حصولَ البشرى، وهو ما ينفي إقدامَهم على القتالِ.
المعارضة الثَّانية: أنَّ الأمرَ في قوله تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} مُوجَّه لمِن خوطِب بهذا القرآن، وهم الصَّحابة رضي الله عنه، وليسَ الملائكة.
وفي تقرير هاتين الشُّبهتين، يقول (رشيد رضا):
«مُقتضى السِّياق أنَّ وحي الله للملائكة قد تمَّ بأمره إيَّاهم بتثبيت المؤمنين، كما يدلُّ عليه الحصر في قوله عن إمداد الملائكة:{وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَاّ بُشْرَى} إلخ، وقوله تعالى:{سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرَّعْبَ}، بدءُ كلامٍ خوطب به النَّبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون تتمَّةً للبشرى، فيكون الأمر بالضَّرب موجَّهًا إلى المؤمنين