المَطلب الثَّالث دفع المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِ عن حديثِ «مفاتح الغيب خمس»
تمهيد:
لم يُمهِّد بعضُ الباحثين مِن مُعَظِّمي السُّنَن دراستَه لهذا الحديث بجمعِ النُّصوص الواردة في بابِه أوَّلًا قبل الخوضِ في إشكالاته سبيلًا لإزاحةِ شبهةِ التَّعارض بين ما ثَبت مِن الحقائق العلميَّة في علمِ الأجنَّة الحديث، والتَّفسيرِ الشَّائعِ لعلمِ ما في الأرحام؛ فلم يلبثوا أن أقحموا عِلمَ نوعِ الجنين وصفاتِه الخِلقيَّة في علم الغيب الَّذي لا يعلمه إلَّا الله حقيقةً! وكذا جَعلوا ذاتَ القدرةِ على إنزال المَطر مِن السَّحاب ممَّا اختصَّ به الله وحده؛ قد جعلوا هذا هو المُراد من قول الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ}[لقمان: ٣٤].
ومن ثمَّ قالوا بنفيِ التَّعارض بين علم البَشر وعلمِ الله لمِا في الأرحام من جهة أنَّ عِلم البَشر علم جزئيٌّ ظنيٌّ، وأنَّ عِلم الله محيطًا شاملًا للذُّكورةِ، والأنوثةِ، والآجال، والأرزاق، والشقاوة، والسَّعادة، ونحو ذلك؛ وكذا جعلوا قدرةَ الله في إنزالِ المطرِ والعلمِ به كاملةً متحقِّقة، مقابل قدرةِ البشر النَّاقصةِ المُتوهَّمة.