للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّالث

دفعُ دعوى المُعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِ

عن حديثِ الجاريةِ

فأمَّا دعوى المخالِفين في المعارضةِ الأولى قيامَ التَّعارضِ بين ألفاظِ الحديثِ تعارضًا يُفضي إلى اضطرابه:

فقولهم أوَّلًا: إنَّ بعض روايات الحديث عن معاوية بن الحكم تُثبِت أنَّ الجارية لِخَرسها كان الكلام بينها وبين النَّبي صلى الله عليه وسلم إشارةً، بخلافِ رواية مسلم الَّتي يظهر منها أنَّه كلام لفظيٌّ؛ فجوابه مِن وجهين:

الوجه الأوَّل: أنَّه إذا تَعارض حديثٌ في أحدِ «الصَّحيحين» مع حديثٍ خارجهما، مع انسدادِ وجوه الجمع بينهما، فالقواعد الحديثيَّة تَقتضي تقديمَ روايةِ «الصَّحيحين» على ما في باقي المُصنَّفات (١)؛ ولا يُقال هنا إذا تَعارضا تَساقطا، ولا أنَّه مُضطرب مِن الأساسِ، لأنَّ ذلك عند تساويهما في القوَّة، واتِّحادِ مخرجِهما (٢).

فإن قدَّرنا جدلًا تساوي الرِّوايتين في القوَّة كما يوهِمه المُعترض، وتعَذَّر الجمع بينهما: تَعيَّن التَّرجيح حينئذٍ، ولا ترجيحَ لغيرِ ما في «الصَّحيحين»! فتُقدَّم رواية مسلم الَّتي باللَّفظ: «أين الله؟»، على الواردة بالإشارة خارجها؛ وهذا على


(١) انظر «نزهة النظر» لابن حجر (ص/٧٦)، و «النكت الوفية» للبقاعي (١/ ١٥٥ - ١٥٦).
(٢) انظر «هدي الساري» لابن حجر (ص/٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>