للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّسليم بأنَّ الرِّواية المعارضِة مُساوية في القوَّة لما في «صحيح مسلم»، فكيف وهي في حقيقتِها واهيةٌ لا تقوى على المدافعة؟! بيان ذلك في:

الوجه الثَّاني: أنَّ الرِّواية المُعارَض بها مِن قِبَل الكوثريِّ لا تنهض بحالٍ لمزاحمةِ ما في «الصَّحيح»، فإنَّ الذَّهبي أوردَ روايةَ الإشارة في كتابه «العلوِّ» مُعلَّقةً مِن غير إسنادٍ، فقال: «عن عطاء بن يسار قال: حَدَّثني صاحب الجارية نفسُه قال: كانت لي جارية ترعى الحديث .. وفيه: فمدَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم يدَه إليها، وأشار إليها مستفهمًا: مَن في السَّماء؟ .. » (١).

والكوثريُّ إنَّما احتجَّ فيما احتجَّ به على بطلانِ رواية مسلم بهذه الرِّواية الَّتي أوردها الذَّهبيِّ (٢)؛ والعَجب منه؛ كيف استباح تقديمَها -وهي بغير إسنادٍ- على ما جاء في «الصَّحيح» بأصفى إسنادٍ وأصحِّه؟! (٣)

على أنَّ هذا الَّذي تمسَّك به الكوثريُّ لإسقاطِ لفظِ مسلمٍ -دون أن يعلمَ هو حقيقةَ إسنادِه- قد ذكرَ المزِيُّ إسنادَه كاملًا في «تحفة الأشراف»! وذلك من طريق: سعيد بن زيد -أخي حمَّاد بن زيد-، عن توبة العنبري، عن عطاء بن يسار، قال: حدَّثني صاحب هذه الجارية نفسه .. ، فذكر الحديث (٤).

وهؤلاء ثقات، ما عدى سعيد بن زيد الَّذي اختلفَ النُّقاد فيه (٥)؛ فكان


(١) «العلو» للذهبي (ص/١٥).
(٢) تعليقه على «الأسماء والصفات ـ بتحقيقه» (ص/٣٩١).
(٣) يزول شيءٌ من العجب إذا أدركت صدقَ مقولة عبد الله الغُماري فيه في كتابه «سبيل التوفيق فى ترجمة عبد الله بن الصديق» (ص/٣٨)، حيث وصفه بقوله: « .. أمَّا العلَّامة الشَّيخ محمَّد زاهد الكوثرى صديقنا ومُجيزنا: هو عالم بالفقه، والأصول، وعلم الكلام، ومتخصِّص في علم الرِّجال، .. لم يكن يعرف الحديث؛ نعم إذا أراد البحث عن حديث يعرف كيف يبحث عنه، ويعرف ما في رجاله من الجرح والتَّعديل بحكم تخصُّصه، لكن ليس هذا هو علم الحديث!».
(٤) «تحفة الأشراف» (٨/ ٤٢٦).
(٥) بين مَن يُمشِّي حديثَه ويُحسِّنه، كأحمد بن حنبل، وسليمان بن حرب، والعجلي، انظر «الجرح والتعديل» (٤/ ٢١ - ٢٢)، و «الثقات» للعجلي (ص/١٨٤). وبين مَن يصرِّح بتضعيفِه ويُوهِّنه، كابن معين، والجوزجاني، والدارقطني، انظر «الجرح والتعديل» (٤/ ٢١)، و «سؤالات الحاكم للدارقطني» (ص/٢١٣)، و «أحوال الرجال» (ص/١١٤). بل كان يحيى القطَّان يضعِّفه جدًّا، كما في «الجرح والتعديل» (٤/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>