للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّالث

دفع المُعارضات الفكريَّةِ المُعاصرةِ

عن أحاديثِ شقِّ صدر النَّبي صلى الله عليه وسلم، وحفظه مِن وسواس الشَّيطان

أمَّا ما يخصُّ الاعتراضَين الأوَّلين:

ففي تَضاعيف كلام (حسن حنفي) أَغاليط عدَّة؛ منشأها اعتقاد أنَّ العِصمةَ لا تَتحقَّق إلَّا بسَلْبِ الاختيار، والَّذي يَقتضي الجَبْر، فيَترتَّب على ذلك انتفاءُ استحقاق المصطفى صلى الله عليه وسلم للثَّواب والعقاب.

وهذا غَلطٌ بيِّنٌ في فهمِ خَصيصةِ الأنبياءِ بعصمتِهم، فهذه لا تقتضي سَلْبَ الاختيارِ المُناطِ به الثَّواب كما توهَّمه المعترض؛ وإنَّما حقيقة العصمة مَزيدُ عنايةٍ وحفظٍ، يَستلزم التَّصَوُّن عن مُقارفةِ الذُّنوبِ المُخلَّةِ بمَقامِ الرِّسالةِ وجانبِ التَّبليغِ، وهو مَحضُ فضْلٍ مِن الله تعالى على أنبيائه.

يقول ابن الجوزيِّ: «تبيَّن للخلقِ إنعامُ الحقِّ في حقِّه، ولو خُلِق صلى الله عليه وسلم سليمَ القلبِ ممَّا أُخرج في باطنه: لم يعلم بذلك، فالإعلام بإخراج شيءٍ كان بقاؤُه يؤذي إنعامٌ آخر، على أنَّه خُلِق طاهرًا، لكنَّه زِيدَ تَنظيفُ طريقِ الوَحيِ، وتأكيدُ أمرِ العِصمة» (١).


(١) «كشف المشكل من حديث الصَّحيحين» (٣/ ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>