للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّالث دفع دعوى المعارضات الفكريَّة المعاصرة عن أحاديث الموافقات القرآنية لعمر بن الخطَّاب

أمَّا دعوى المُعترضِ بأنَّ آية مقامِ إبراهيم هي مِن أوائل ما نَزل في المدينة بعد الهجرة، فلا يُقال فيه أكثر مِن أنَّه: قولٌ يُعدم دليلًا يقيمُه!

نعم؛ قد ذكرَ بعض أهل العلمِ أنَّ سورة البقرة أوَّل ما نَزل في المدينة بعد الهجرة (١)، لكن لا يستلزم ذلك أنْ تكون جميع آياتِها كذلك في الأوَّليَّة؛ إذْ من المُتحقَّق علمُه أنَّ القرآن نَزَل مُنجَّمًا لا جُملة، تنزل السُّورة في وقتٍ، ثمَّ تُلحَق بها آياتٌ قد نَزَلت بعدَها بوقتٍ، فكان النَّبي صلى الله عليه وسلم يُرشد كُتَّابَه إلى ما نَزَل مِن الآياتِ حديثًا، فيكتبوها ضمنَ سُورٍ قد تنزَّلت قبلُ، والإجماع والنُّص مترادفان على أنَّ ترتيبَ الآيات في سُوَرها واقعٌ بتوقيفِه صلى الله عليه وسلم وأمرِه، من غيرِ خلافٍ في هذا بين المسلمين (٢).

والَّذي يظهر عند تبصُّرِ حديثِ عمر رضي الله عنه: أنَّ آية مَقامِ إبراهيم قد تَأخَّر نزولها إلى وقتِ اعتمارِ المسلمين، أو وقتِ فتحِهم لمكَّة، أو قبلَ حَجَّة الوداع،


(١) مروي عن عكرمة في «أسباب النزول» للواحدي (ص/٢١ ت: الحميدان) بإسناده إليه، وانظر الخلاف في أول ما أنزل من السور في المدينة في «الإتقان» للسيوطي (١/ ٩٦).
(٢) انظر هذا الإجماع في «البرهان» للزركشي (١/ ٢٥٦)، و «الإتقان» للسيوطي (١/ ٢١١ - ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>