دفع دعوى حذف البخاريِّ لمِا فيه مَثلبةٌ للفاروق رضي الله عنه بالاختصار
وأمَّا دعواهم على البخاريِّ تعمُّدَ الاختصارِ لمِا فيه مَثلبةٌ للفاروق رضي الله عنه:
فأمَّا مثالهم الأوَّل: فيظهر زيفُ دعوى ذاك المُعترضِ أنَّ البخاريَّ حذف ما يُنبي عن غفلةِ الفاروقِ رضي الله عنه وجهلِه بالحكم مِن جِهتين:
الأولى: مِن جِهة تلبيسِه، حيث إنَّ المُعترِض قد أسقطَ في كتابِه شيخَ مسلمٍ في سندِ هذه القصَّة، واقتصرَ على ذكرِ شعبةَ فمَن فوقَه، ليوهِم القارئ بأنَّ البخاريَّ ومسلمًا قد اتَّفَقا في السَّنَدِ المُتلقَّى منه هذه الحكاية، بل زعمَه تصريحًا! وأنَّهما إنَّما اختلفا في المتنِ لأجل هذا التَصرُّف من البخاريِّ.
بينما الحقيقة خلاف ما أراد أن يُوهِمه، وذل أنَّ مسلمًا إنَّما رواه عن (يحيى بن سعيد القطَّان) عن شعبة، بينما رواه البخاريُّ عن (آدم بن أبي إياس) عن شعبة، فالطَّريقان إذن مُختلفان! هذا أوَّلًا.
وأمَّا ثانيًا: فإنَّ آدمَ ابن أبي إياسٍ هذا هو المُختِصِر للحكايةِ حقيقةً لا البخاري، وشاهدُ ذلك: أنَّها مَرويَّة عند البيهقيِّ مِن طريقِ (إبراهيم بن الحُسين) عن آدم بنِ أبي إياسٍ بنفسِ الإسنادِ الَّذي في البخاريِّ، مِن دون قولِ عمر:«لا تُصَلِّ»! فدَلَّ على أنَّ البخاريَّ لم يَتَصرَّف في القصَّةِ، بل نَقَلها كما سَمِعها مِن