للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الأوَّل

محمود أبو ريَّة (١)

وكتابه «أضواء على السُّنة المحمَّدية»

لا يكاد المرءُ يَسمع عن موضوعِ الطَّعنِ في أحاديث السُّنة والغمزِ في رُواتِها، إلَّا قفز إلى ذهنه اسمُ (أبو رَيَّة) سِراعًا، لِما عُرِف به مِن أوَّليَّةٍ في تقحُّمِ هذه المَخاضةِ النَّتِنَةِ مِن التَّشكيكِ في مِصداقيَّة التَّدوين لها، ومُعارضتِه لِما تلقَّته الأمَّة بالقَبولِ مِن أخبارِ «الصَّحيحين» وغيرهما، بألوانٍ مِن شُبَهٍ مَلأتْهُ إلى مُشاشِه.

أمَّا تطاوُله فوق ذلك على الصَّحبِ الكِرام رضي الله عنهم، ورَميُه لحافِظِهم أبي هريرة رضي الله عنه في دينِه، وقدحِه بأمانتِه، وتَبجُّحِه بكشِفِ هَناتِه للنَّاس: فذاك أمرٌ أغربُ مِن مُفاخرَة الحَصى للشُّهُب، والقدحِ في نورِ الصُّبحِ على لسانِ الدُّجى!

قد بَدَت أُولَى أماراتِ انحرافِه سنةَ (١٣٦٣ هـ) حينَ شُوهِد في مجلَّة «الفتح الإسلامي» (٢) مُتجشِّمًا الدِّفاعَ عن القرآن، مُستبطِنًا في ذلك غمْزًا بالسُّنةِ لا تُخطِئُه قريحة، وازدراءً لرُواتِها بألفاظٍ قبيحةٍ.


(١) من الكُتاب البارزين المصريين الذي عُرفوا بالطعن على السُنة النبوية، والتهجم على حافظها أبي هريرة في كتابه «أبو هريرة شيخ المضيرة»، توفي سنة (١٩٧٠ م)، وقد أخمل الله تعالى ذكره فلم يترجم له الزركلي في «أعلامه» مع تقدم وفاته عنه، ولا استدركه أحد بعده فيما علمت، ولم يترجم له إلا الشيعة الاثنا عشرية عند سيدهم (مرتضى الرضوي) في كتابه «مع رجال الفكر» (١/ ١٣٠ - ١٥٨) احتفاءً بحربه لأصول السنة وأئمتها وما يؤول إليه ذلك من نصرة مذهبهم وانتشاره في أوساط أهل السنة.
(٢) العدد: ٥٤٦، ١٠ صفر ١٣٥٦ هـ (ص/١١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>