للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن أسفَرَ عن عَدائِه للسُّنَةِ صُراحًا في مَقالٍ له أسماه: «الحديث النَّبوي»، نشرَته مجلَّة «الرِّسالة» (١)، فيه بَشَّرَ بإخراجِ كتابِه القُنبلة: «أضواء على السُّنةِ النَّبويَّة»، ليُحدِثَ به بعدُ «بَلْبلةً في الأفكارِ عند مَن لم يَتَعمَّقوا في دراسةِ السُنَّة» (٢)، كحالِ زُرافاتٍ مِن أدعياءِ الحَداثةِ، وصَناديدِ العَلمنةِ، الَّذين تكَالبوا آنَذاكَ -ولازالوا (٣) - على الثَّناءِ عليه في كتابِه هذا.

ثمَّ راحوا يحثُّون أربابِ القَرارِ في مِصر لفسحِ مجالِ النَّشرِ له، رغمًا عن أنوفِ علماءِ الأزهرِ! فلم تكُن وَجاهةُ هؤلاء لتُلزم وزارةَ الثَّقافة بمنعِ ذلك، وقد حالَ بينهم وبين سَعيِهم هذا للمنعِ برقِيَّةٌ خَطَّها أحَدُ أقطابِ الأدَبِ العَربيِّ وقتها، يَحكي تفاصيلَها (أبو ريَّة) ونَشوةُ الانتصارِ منه على مَن أطعَموه العِلمَ صغيرًا تَملؤُ صدرَه، حيث قال: « .. عَلِمَ أخيرًا بالأمرِ نَصيرُ الدِّين والفكرِ: (طَه حُسين)، فطَلَب أصولَ الكتابِ مِن وزارةِ الثَّقافةِ، ولمَّا اطَّلَع عليه، أعادَه علينا مع خطابٍ، دَحَض فيه ما رَماه الأزهرُ به، وصَرَّح في جَلاءٍ أنَّه مُوافق للدِّينِ كلَّ الموافقةِ، لا يُخالفه ولا يَنبو عنه في شيءٍ مُطلقًا، وأنَّه مُفيدٌ فائدةً كبيرةً جدًّا في علمِ الحديث»! (٤)

وهكذا فليَكُن جَلَدُ الفاجرِ، في الدَّفعِ عن الباطل بِالباطِل!

هذا الكتاب -مع كلِّ الجَلَبة الَّتي رافقت صدوره- لم يُضِف فيه صاحبُه جديدًا إلى البحث العِلميِّ، بل ولا إلى أصلِ الشُّبَه والطُّعون الَّتي قالها أسلافُه مِن مُنكري السُّنَن، فلم يكُن أبو ريَّة إلَّا مِن مُستنقَع المُستَشرِقين يَمْتَح، وعن مائِهم الآسِن يَصدُر.


(١) العدد: ٦٣٣، رمضان ١٣٦٤ هـ ١٩٤٥ م.
(٢) «دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين» لمحمد أبو شهبة (ص/٣٩).
(٣) انظر نماذج من استشهاد العلمانيين المعاصرين بمحمود أبي ريَّة في «الاتجاه العلماني المعاصر في دراسة السُّنة» لغازي الشَّمري (ص/٤٣٢ - ٤٣٣).
(٤) «مع رجال الفكر في القاهرة» لمرتضى الرضوي (١/ ١٣٠ - ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>