للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«إنَّما الَّذي فاقَهم فيه، أنَّه أكثر خُبْثًا ودَناءةً، وأسوأُ أدَبًا مع الصَّحابةِ الأُمَناء، وأجرأُ على الكذبِ، والبُهتِ، والخياناتِ العِلميَّة» (١).

لكنَّ حُرَّاس الشَّريعةِ لم يَسكتوا له حتَّى تَتابَع مُحقِّقوهم على كشفِ جَهالاتِه وتَبيِينِ زَغَلِ كِتابِه، بَلَغوا بها أربعةَ عشرَ مُؤلَّفًا (٢)، أجودُها في نَظَري: كتاب «الأنوار الكاشِفة» للمُعَلِّمي، لِما لمُؤلِّفه مِن فهم عميقٍ لعلومِ الحديث، هو عندي مِن نَوادِر العصرِ في ذلك؛ ثمَّ بعده كتاب «ظُلمات أبي ريَّة» لمحمَّد عبد الرَّزاق حمزة، والفصول المُخصَّصة للرَّد عليه مِن كتابِ «الدِّفاع عن السُّنة وردُّ شُبَه المستشرقين» لمحمَّد أبو شهبة، و «السُّنة ومَكانتها في التَّشريعِ الإسلاميِّ» لـ د. مصطفى السباعي.

فلم تبقَ بعدهم -بفضلِ الله- حاجةٌ لرَدٍّ جديد، لولا أنَّ آراءَه قد عادت إلى الظُّهور مجدَّدًا عند (أبي بكر صالح) و (إسماعيل كردي) و (سامر إستانبولي) وغيرهم مِن أعداء السُّنَن المعاصرين.

تقيِيم كتاب «الأضواء» ومُؤلِّفِه:

والَّذي يُمكِنُنا الخلوص إليه بعد تَصَفُّحنا لتلك الرُّدودِ السَّالف ذكرها مع الكتابِ المَردود، مُحصَّلٌ في الأفكارِ التَّالية:

أوَّلًا: أنَّ الرَّجل غيرُ مَوثوقٍ فيما يَنقُل، فتراه يَزيد أحيانًا في النَّصِ الَّذي ينقُده كلمةً يُفسِد بها مَعناه، لينسجِمَ مع ما يُريد هو دون مُرادِ قائِله، فمثالُ ذلك:

اختلاقه قولًا نَسَبه إلى «صحيح البخاريِّ» زُورًا، زَاعمًا أنَّه في «فتح الباري»، حيث نَسَبَ إليه أنَّ «عبدَ الله بن عمرو رضي الله عنه أصابَ زامِلَتَين مِن كُتب أهلِ الكتابِ، وكان يَرويها للنَّاسِ (عن النَّبي صلى الله عليه وسلم»)! (٣)


(١) «السنة في مواجهة الأباطيل» لمحمد طاهر رسول (ص/٦٤).
(٢) «مرويات السيرة» لـ د. أكرم العمري (ص/٣٨).
(٣) «أضواء على السنة المحمدية» (ص/١٦٢، الهامش ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>