للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّاني

تعليلُ الشَّيخين لأحاديث تناقض متونها

المعروفَ مِن رَأيِ راوِيها ومَذْهَبِه (١)

فمِن أمثلةِ هذا عند البخاريِّ:

ما أخرجه (٢) مِن طريق عبد الملك بن عُمير، عن سالم البرَّاد، عن أبي هريرة رضي الله عنه مَرفوعًا: «مَن صلَّى على جنازةٍ فله قيراط» (٣).

ثمَّ ساق إسنادًا آخر لهذا الحديث، قال فيه: «وقال ابن أبي خالد، سمع سالمًا أبا عبد الله البرَّاد، سمِعَ ابنَ عمر عن النَّبي صلى الله عليه وسلم مِثلَه».

فأنكرَ أن يكونَ هذا الحديث مَن روايةِ ابن عمر، لأنَّ هذا كان يُنكر على أبي هريرة هذا الخبر! فقال: «وهذا لا يصحُّ، لأنَّ الزُّهري قال عن سالم: إنَّ ابن عمر أنكرَ على أبي هريرة، حتَّى سأل عائشة!» (٤).

فها هو البخاريُّ يستبعِد أن يكونَ الحديثُ عن ابن عمر، مع كونِ راوِيه (إسماعيل بن أبي خالد) ثقةً في نفسِه! بل هو أوثقُ عند النُّقادِ مِن (عبد الملك بن


(١) انظر هذا المسلك في التَّعليل في «شرح علل الترمذي» لابن رجب (١/ ١٥٨).
(٢) في «التَّاريخ الكبير» (٢/ ٢٧٣).
(٣) أخرجه البخاري (ك: الجنائز، باب: من انتظر حتى تدفن، رقم: ١٣٢٥)، ومسلم (ك: الجنائز، باب: فضل الصلاة على الجنازة واتباعها، رقم: ٩٤٥).
(٤) وقال في جوابه للترمذي في «علله الكبير» (ص/١٤٨): «حديث ابن عمر ليس بشيءٍ».

<<  <  ج: ص:  >  >>