للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمير) راوي الحديث عن أبي هريرة! لكنَّ البخاريَّ مع ذلك يُقدِّم روايةَ عبد الملِك عليه، لأنَّ متنَها معروفٌ عن أبي هريرة، مخالفٌ للمعروفِ من ابن عمر.

فلم يَرُج على البخاريِّ نقاوةُ الإسنادِ كما «راجَ على الحافظِ الضِّياء، فأخرج هذا الحديث في (المُختارة)؛ وهو معلول كما ترى» (١).

ومثال هذا الباب عن البخاريِّ أيضًا:

ما رواه (٢) عن مُسدَّد: حدَّثنا عيسي بن يونس، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن استقاءَ فعليه القَضاء» (٣).

قال البخاريُّ: «ولم يصحَّ»، وفي رواية: «ما أرَاه مَحفوظًا» (٤).

فمع أنَّ سَند الحديثِ ظاهرُ الصِّحة، إلَّا أنَّ البخاريَّ ردَّه، عادًّا إيَّاه مِن أوهامِ هشام -وهو ابن حسَّان- نظرًا إلى مخالفةِ متنِه للمعروفِ الثَّابتِ عن أبي هريرة رضي الله عنه بنفيِه الفطرِ بالقيءِ مُطلقًا؛ كالَّذي أخرجه في نفسِ هذا المَوطن مِن حديثِ عمر بن حَكم بن ثوبان، أنَّه سمع أبا هريرة رضي الله عنه قال: «إذا قاءَ أحدُكم، فلا يفطِر، فإنمَّا يُخرِج ولا يُولِج».

وأمَّا مثاله عند مسلم:

فما رواه تحت ما ترجمه بـ «خبر آخر غير محفوظ المتنِ» (٥)، من طريق:

عمر بن عبد الله ابن أبي خَثعم، حدَّثني يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة،


(١) «إطراف المسند المعتلي» لابن حجر (٣/ ٣٩٦)؛ وبغض النَّظر عن إمكان توجيهِ روايةِ إسماعيل عن ابن عمر، فالقصد هنا إثبات تعليل البخاري للمتن من وجهة نظره هو.
وقد أشار الدَّارقطني في «العلل» (١١/ ١٦) إلى متابعة (القاسم بن أبي بزَّة) لرواية (عبد الملك بن عُمير) عن سالم البرَّاد عن أبي هريرة، وترجيحه لها على رواية بن أبي خالد عن البرَّاد عن ابن عمر.
(٢) في «التَّاريخ الكبير» (١/ ٩١).
(٣) أخرجه الترمذي في «الجامع» (ك: الصوم، باب: ما جاء في من استقاء عمدا، رقم: ٧٢٠)، وابن ماجه في «السنن» (ك: الصيام، باب: ما جاء في الصائم يقيء، رقم: ١٦٧٦)
(٤) «علل الترمذي الكبير» (ص/١١٥).
(٥) في «التَّمييز» (ص/١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>