للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّالث

الاكتفاء بتعليل الإسنادِ عادة المُحدِّثين إذا استنكروا المتنَ

إنَّ المتونَ الباطلة لمَّا كانت تأتي في الغالبِ الأعمِّ مِن جِهة الضُّعفاء والمَتروكين، صار المُحدِّثون إذا استنكروا الحديثَ نَظَروا في سَنَدِه، فوَجَدوا ما يُبيَّن وَهْنَه فيذكرُونَه، فيَسْتَغنون بذلك عن التَّصريحِ بحَالِ المتنِ.

وهذا ما تراه شائعًا في كُتب المَوْضوعاتِ والعِلَل، وما يُعَلُّ مِن الأحاديث في التَّراجم؛ تجدُ غالبَ ذلك ممَّا يُنكَر مَتْنُه حقيقةً، ولكنَّ الأئمَّة يَستغنون عن بيانِ ذلك اختصارًا بقولهم: (مُنكر) ونحوه، أو بالكلام في الرَّاوي والتَّنبيه على خَلَلِ الإسنادِ، إذْ لا حاجة للاستمرارِ بعدها في كشفِ نكارةِ المتنِ إذا انهارَ السَّندُ أمامَ النَّقد (١).

فحِينَ أن كانت هذه الطَّريقة هي الأصلَ في نقدِ المحدِّثين، وكانت مُنكراتِ الضُّعفاء والمَتروكين أكثرَ مِن مُنكراتِ الثِّقاتِ بما لا يُقارَن: ظَنَّ مَن ظَنَّ مِن خلالِ مُلاحظتِه لعَملِ المحدِّثين أنَّ أكثرَ الأحاديثِ المُنكَرة في مَتنِها لم يَرْعِها المُحَدِّثون اهتمامًا، وأنَّ أغلبَ نظرهم مُنصرفٌ إلى الإسنادِ فقط، بدليل خلوِّ أحكامهم من التَّنبيه على نكارة تلك المتون!


(١) انظر «الأنوار الكاشفة» (ص/٢٦٤)، و «منهج النقد عند المحدثين» (ص/٤٧)، و «مرويَّات السِّيرة النَّبوية» (ص/١٧) كلاهما لـ د. أكرم العمري.

<<  <  ج: ص:  >  >>