للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّالث

دفع دعاوي المعارضاتِ الفكريَّةِ المعاصرةِ

عن حديثِ «نحن أحقُّ بالشَّك مِن إبراهيم»

أمَّا الجواب عن المعارضة الأولى: في دعوى المعترضِ وقوعَ الشَّكِ من إبراهيم عليه السلام وإثباته لنبيِّنا صلى الله عليه وسلم بالأولويَّة في قدرةِ الله في الحديثِ:

فإنَّ ما يُقرِّره هذا الحديث خلاف هذا التَّوهم بالكُليَّة! فإنَّ المُراد من هذا الخَبَر أصالةً نفيُ الشَّك عن إبراهيم عليه السلام في القدرةِ الإلهيَّة على الإحياءِ؛ وبيانُ ذلك:

في أنَّ طلبَ الخليل عليه السلام رؤيةَ كيفيةِ الإحياء بعَيْنيه هو مِن قبيل الاستزادةِ مِن العلمِ، والرَّغبة في استكناهِ الحقائقِ، والتَّشوفِ إلى الوقوفِ على أسرارِ الخليقةِ ممَّا فَطر الله عليه الإنسان، طَمعًا منه للرُّقي مِن علمِ اليقين، إلى عينِ اليقين، فهو طلبٌ للطُّمأنينةِ فيما تَنزِع إليه نفسُه الشَّريفة مِن معرفةِ خفايا أسرارِ الرُّبوبية، لا طلبًا في أصلِ عقدِ الإيمانِ بالبعثِ الَّذي عَرَفه بالوحيِ والبرهان، دون المشاهدةِ والعَيان (١).

يقول ابن عطيَّة: «إذا تأمَّلتَ سؤالَه عليه السلام وسائرَ ألفاظِ الآية لم تُعطِ شكًّا، وذلك أن الاستفهامَ بـ (كيف)، إنَّما هو عن حالِ شيءٍ موجودٍ مُتقرَّر الوجود عند


(١) انظر «تفسير المنار» (٣/ ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>