للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الثَّاني

احتفاف القرائن المفيدة للعلم بجمهور أحاديث «الصَّحيحين»

بعد أن تقرَّر الوجه السَّابق في كونِ الآحاد يُفيد العلمَ بشرطِه، ينبغي أن يُعلَم تبعًا: أنَّ أحاديثَ «الصَّحيحين» قد احتفَ بها من القرائن ما يقطعُ النَّاظر فيها بصدقِها، ففيها الأحاديث المُخرَّجة بسَلاسل ذهبيَّة، والأحاديث المُسلسلة بحُذَّاقِ الحُفَّاظِ، والعامَّة من أحاديثهما مَشهورٌ، قد رُويت من غير وجهٍ صَحيح (١)، رواها هذا الصَّاحب وهذا الصَّاحب من غير أن يَتواطآ، ومثل هذا يوجب العلم القطعيَّ (٢).

وما لم يحتَفَّ به شيءٌ مِن هذه القرائن المذكورة، فيكفيه اندراجُه في مجموع ما تلقَّته الأمَّة بالقَّبول قرينةً للجَزم به، فأيُّ قرينةٍ افتُرضَت، كان تلقِّي الأمَّة للحديث بالقَبول، أقوى منها في إيجابِ القَطعِ بصحَّة الخَبر، حتَّى عدَّها كثيرٌ مِن الأصوليِّين بمنزلةِ المتواتر (٣).


(١) ادعى الحاكم النيسابوري في «المدخل» (ص/١٥٤) أنْ ليس في الصَّحيحين شيء من الأحاديث الغرائب الأفراد، وهذا مخالف لواقع الكتابين، وقد ردَّ عليه ابن حجر في «النُّكت» (١/ ٣٦٨) بأن فيهما «قدر مائتي حديث قد جمعها الحافظ ضياء الدين المقدسي في جزء مفرد».
(٢) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (١٨/ ٢٢).
(٣) «أحكام القرآن» لأبي بكر الجصَّاص (٢/ ٨٣)، و «البحر المحيط» للزركشي (٦/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>