للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَطلب الرَّابع

خلاصة القول في حديث عرض أبي سفيان لابنته على النَّبي صلى الله عليه وسلم

وردُّ رَميِ ابن حزم له بالوَضعِ

الحاصل أنَّ الحديثَ لا يَخلُو مِن تخليطٍ، وهو غَلَط لا يَنبغي التَّردُّد فيه، والصَّواب أنَّه غير مَحفوظ (١)، وبذا عَلَّل متنَه مَن أشرنا إليهم سابقًا مِن الأئمَّة، وكان أقصى ما قِيل فيه من عبارةٍ ردٍّ، ما قاله الذَّهبي: أنَّه أصلٌ مُنكَر (٢).

وأبو محمَّد ابن حزم نفسُه قد نُقل عنه في روايةٍ أنَّه قال في الحديث: «إنَّه وَهم مِن بعضِ الرُّواة» (٣)؛ فهذا الكلام منه معقولٌ مُتماهٍ مع عبارةِ الأئمَّة في الحديث؛ لكنَّ النَّظر مُتَّجِهٌ إلى ما مَقالته الأشهر في الحديث: أنَّه موضوع! مع أنَّه في «صحيح مسلم»، واتِّهامه الشَّديد لعكرمة بن عمَّار راوِيه عن أبي زُميل بوَضعِه!

فقد روى محمَّد بن أبي نصر الحُميدي عنه قال: «قال لنا أبو محمَّد ابن حزم: هذا حَديث مَوضوع لا شَكَّ في وضعِه، والآفةُ فيه مِن عكرمة بن عمَّار، ولا يختلف اِثنان مِن أهلِ المعرفةِ بالأخبارِ في أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم لم يَتَزوَّج أمَّ حبيبة إلَّا قبل الفَتح بدَهرٍ، وهي بأرضِ الحَبشة، وأبوها أبو سفيان كافرٌ، هذا ما لا شكَّ فيه» (٤).


(١) كما قال ابن القيم في «جلاء الأفهام» (ص/٢٥٢).
(٢) انظر «ميزان الاعتدال» (٣/ ٩٣).
(٣) انظر «شرح النَّووي على مسلم» (١٦/ ٦٣).
(٤) «نوادر ابن حزم» جمع ابن عقيل الظَّاهري (٢/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>