للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَبحث الخامس

الطَّريقة الإجماليَّة للعَلمانيِّة لنقضِ التُّراث الإسلاميِّ وغايتُها مِن ذلك

لقد علِم المُبشِّرون بالعَلمانيَّة في البلاد الإسلاميَّة، بأنَّ الحائل لهم دون تَبنِّي العامَّة لها، هو الإسلام نفسُه بنصوصِه وأصولِه، فلإن سَهُل على الغَربيِّين تجاوز دينِهم، وإحلالُ عقولِهم مكانَه، إذ كان في أصلِه خَواءً، هزيلَ المُقاومة؛ فإنَّ إخوانَهم مِن الشَّرقيِّين قد عانَوا مِن تجاوزِ الإسلامِ، وخارَت قُواهم دون تطوِيعِه.

وهم مع ذلك في محاولةٍ دائبةٍ لتحقيقِ هذا الأسلوبِ المُتجاوِزِ للتُّراثِ الشَّرعيِّ سيرًا في طُرقٍ مُلتويةٍ، بزعزعةِ ثِقةِ المُسلمين في قداسةِ نصوصِ الوَحيِ تارةً، ونفيِ نسبةِ بعضِها إلى قولِ الرَّسولِ تارةً.

فإن هم لم يُمكنهم ذلك كلَّه فَرَّغوا تلك النُّصوص مِن مُرَاداتِ الشَّارعِ، بفسحِ الفضاءِ واسِعًا لأيِّ قراءةٍ مُحدَثة، تُواكِب دَعواتِ العَوْلَمةِ، أو تَصطلِحُ مع النَّزَعاتِ المَاديَّةِ الشَّهوانيَّةِ.

هذا النَّقد العَلمانيُّ الفجُّ، لا بُدَّ أن يكون مُستجلِبًا لعَداوةِ جماهير الغَيورين على دينِهم، المُتشبِّثين بسُنَّة نبيِّهم، المُستقذرين لمثلِ هذه المواقفِ السَّلبيَّة مِن تراثِ علمائهم، لذا نرى كثيرًا مِن كُتَّابِهم مِمَّن أخذ على عاتِقه مُهمَّة تحريف فِطَرِ النَّاس، حريصًا على إخفاءِ مَرجِعيَّتِه في خطاباتِه لهم وكتاباتِه، غير مُستعجلٍ في

<<  <  ج: ص:  >  >>