للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكَرَت أحدَهما المُستثنى الآخرَ الَّذي جاء في الرِّواية الأخرى؛ لمَّا لاحظ البخاريَّ ذلك، دلَّ عنده على انتفاءِ ما زَعَمته (جسرةُ) عنها (١).

ولا يُعلَم أحَدٌ مِن المتقدِّمينِ أعَلَّ حديثَ (جَسرة) مِن حيث المتنِ سِوى البخاريِّ (٢).

وأمَّا مثال هذا الباب عند مسلم:

فما أخرجه (٣) من طريق أبي إسحاق، عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنه قال: «سمِعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أكثرَ مِن عشرينَ مرَّةً، يقرأ في الرَّكعتين بعد المغرب والرَّكعتين قبل الفجر بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}» (٤).

يقول مسلم: «وهذا الخبر وَهْمٌ عن ابن عمر رضي الله عنه، والدَّليل على ذلك:

الرِّواياتُ الثَّابتة عن ابن عمر رضي الله عنه: أنَّه ذَكَر ما حفِظَ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم مِن تَطوُّع صلاتِه باللَّيل والنَّهار، فذَكَر عشرَ ركعاتٍ، ثمَّ قال رضي الله عنه: « .. ورَكْعَتي الفجر: أخبَرتني حفصةُ أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلِّي ركعتين خَفيفتين إذا طَلَع الفجر، وكانت ساعةً لا أدخلُ على النَّبي صلى الله عليه وسلم فيها».

فكيف سَمِع منه أكثر مِن عشرين مرَّةً قراءتَه فيها، وهو يُخبر أنَّه حفِظَ الرَّكعتين مِن حفصةَ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم؟!».


(١) حديث (جَسرة) ضعَّفه جمعٌ من النُّقاد لجهالةِ (أفلتَ بنِ خليفة) راويه عن (جَسرة)، ومنهم من ضعَّفه لأجل (جسرة) نفسِها، انظر «معالم السنن» للخطابي (١/ ٧٧)، و «سلسلة الأحاديث الضعيفة» (١٣/ ٧٧ - ٧٨).
(٢) انظر «الأحاديث التي أعل الإمام البخاري متونها بالتناقض» (ص/١٩٤ - ١٩٥).
(٣) في «التَّمييز» (ص/١٧٣).
(٤) أخرجه أحمد في «المسند» (٨/ ٥٠٩، رقم: ٤٩٠٩)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ك: الصلاة، باب: القراءة في ركعتي الفجر، رقم: ٤٧٩٠)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ك: صلاة التطوع والإمامة، باب: ما يقرأ فيهما، رقم: ٦٣٣٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>