للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدمِ التَّنقيحِ أن يأتي الكتابُ على غير ما يُرام مِن الصِّحة! بـ «أنْ يكون -مثلًا- في النُّسخةِ ما لم يكُن البخاريُّ مُطمئنًّا إليه، على عادةِ المُصنِّفين، يَستعجِلُ أحدُهم في التَّسويدِ على أن يَعود فيُنقِّح كلَّ ذلك» (١)، ليخلُصوا بهذا إلى ما يشتهونَ إسقاطَه مِن أحاديثِ البخاريِّ.

يقول (حُسين غُلَامي): «الَّذي يَتأمَّل في حياةِ البخاريِّ وكتابِه الصَّحيحِ، يُصدِّق أنَّ الكتابَ لم يَكمُل بيدِ المؤلِّفِ في حياتِه، بل إنَّ بعضَ تلامِذَتِه وغيرَ تلامذتِه أضافوا إلى ما أنجزَ في حياةِ المؤلِّف، وهناك شواهد، منها:

ما صَرَّح به المُستَمْلي (ت ٣٧٦ هـ) في روايةِ أبي الوَليدِ الباجيِّ -كما ذكرَه ابن حَجر- قال: انتسَخْتُ كتابَ البخاريِّ مِن أصلِه الَّذي كان عند صاحبِه محمد بن يوسف الفربري، فرأيتُ فيه أشياء لم تَتِمَّ، وأشياءَ مُبيَّضة، منها تراجم لم يُثبِت بعدها شيئًا، وأحاديثُ لم يُترجِم لها، فأضَفْنا بعضَ ذلك إلى بعضٍ» (٢).

يقول (عبد الصَّمد شاكر): «وهذا مِمَّا يُقلُّ الاعتمادَ على الكتابِ المَذكور» (٣).

ويزيد (صادق النَّجمي) مُعقِّبًا على كلامِ المُستمليِّ: «هل المُكمِّل والنَّاظم للصَّحيح استعملَ في عمليَّةِ التَّرتيبِ ذوقَه ورأيَه الخاصِّ به؟! .. القدرُ المُتيقَّن والبَيِّن، أنَّ أيَّ كتابٍ له ظروف مُماثلةٌ للصَّحيح -الَّذي قام الآخرون بتصحيحِه وتكميلِه، وإن كان خاليًا مِن المؤاخذاتِ والإشكالاتِ- فهو ساقطٌ عن الاعتبارِ والأهميَّةِ، ومَسلوبُ الصَّحة، ولا يُمكن الوثوقُ والاعتمادُ على ما يَحتويه، لأنَّه يَستلزم الشكَّ والتَّردُّد في قرارة أنفسِنا بالنِّسبة إليه» (٤).


(١) «الأنوار الكاشفة» للمعلمي (ص/٢٥٧ - ٢٥٨).
(٢) «الإمام البخاري وفقه أهل العراق» للهرساوي (ص/١٣٠ - ١٣١).
(٣) «نظرة عابرة إلى الصحاح الستة» لعبد الصمد شاكر (ص/٥٥).
(٤) «أضواء على الصحيحين» (ص ١٢٥ - ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>