للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخذَتهم صاعقةٌ مثل صاعقةِ عادٍ وثَمود! فافتُضِحوا على رؤوسِ الأشهادِ، وبانَ جهلُهم لكلِّ العِبادِ.

ومع ما في نهجِ هؤلاءِ مِن بلايا وخوارمِ للفِطرة السَّوية، ومع ما يقع فيه رموزُهم مِن رزايا عَقديِّة، وجناياتٍ في حقِّ السُّنة النَّبويَّة، إلَّا أنَّا نحن بدورِنا نعترفُ في المقابل بأنَّ هذا لم يكُن حائلًا مِن شحنِ العالمِ الإسلاميِّ خلال العقودِ الفارطةِ، بالمضامين العَلمانيَّة شحنًا كبيرًا، وصَل سُعارها أروقةَ وزاراتِ الأوقافِ نفسِها في كثيرٍ مِن البلدان الإسلاميَّة.

كيف لا! وقد حُبِكت مؤامراتهم على وسائلِ الإعلامِ حبْكًا ساحرًا، وشُحِنت بها مَناهج التَّعليم شحنًا ظاهرًا، لتُعلِن رعايتَها لولدانِ المسلمين، بدءً من رِياضِ الحَضانات، إلى أن يشبُّوا على مُدرَّجات الجامعات.

فانظر -مثلًا- إلى حالِ «الزَّيتونةِ» -رَدَّها الله إلى سالِف عِزِّها-؛ كيف أفسدَ فيها كتابٌ سَوَّدَه حَداثيُّ المَنزعِ غَربيُّ الهَوى عقولَ الطَّلبة الشَّرعيِّين؟! قُرِّر عليهم في مَساقِ السُّنةِ باسمِ «السُّنة النَّبويَّة، إشكاليَّة التَّدوين والتَّشريع» لمؤلِّفه (محمَّد حمزة)؛ يحملُ في طَيَّاتِه مُنافرةً شديدةً للهويَّةِ السُّنيَّة للمُجتمِع التُّونسيِّ نفسِه، يُدَرَّس لِمن الفَرضُ فيهم أن يحملوا لواءَ السُّنةَ في إحدى أعرقِ الجامعات السُّنية (١).

هذا مثال واحدٌ من أمثلةٍ كثيرةٍ على هذا التَّغلغل العَلمانيِّ الفكريِّ، تُغني شُهرتُها في باقي بلاد العربِ عن سَرْدِها.

ثمَّ نأتي بعدها لنذرف الدُّموع على تَفلُّتِ شبابِنا مِن التَّديُّن إلى الإلحادِ؟! ومِن عَبقِ الأخلاق، إلى أنتانِ التَّفسُّخ والإباحيَّة، ومِن وَسطيَّة التَّسَنُّنِ الَّذي ارتضاه الله للأُمَّة منهجًا طيلةَ قرونٍ، إلى انحرافاتِ الغُلوِّ بجميعِ صُوَرِه!


(١) انظر «كتابات غير المتخصِّصين في السُّنة النبوية بين الجهل والتحريف» لأبو لبابة طاهر حسين التونسي، ضمن مؤتمر «الحديث الشريف وتحديات العصر» (١/ ٣٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>