للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا العموم الأوَّل: فالصَّحيح أنَّ الحديث لم يَعنِ كلَّ تمرٍ مِن أيِّ بلدٍ كان، بل هو مَخصوصٌ بتمرِ العَجْوة المَدَنيِّ (١).

وذلك: أنَّ الحديث مَداره على عامرِ بن سَعد بن أبي وقَّاص، يَرويه عن أبيه، رواه عن عامر هذا اثنان مِن ثقاتِ أصحابِه، بلفظين مختلفين: هاشم بن هاشم (٢)، وأبو طوالة عبد الله بن الرَّحمن (٣).

فأمَّا (هاشم بن هاشم): فرواه عنه بلفظ «تمراتٍ عَجوة»، ورواه عن هاشم جماعة مِن الرُّواة كلُّهم اتَّفَقوا على لفظِ العَجوة (٤).

وأمَّا (أبو طوالة): فرواه عنه بلفظ «سبع تمراتٍ» دون تَقيِيدٍ بالعجوة، وإن كان القَيد في روايتِه هو ببُقعةِ زرعِها: «ما بين لابَتَيها» (٥)، أي لابَتي المدينة.

وقد ذَكر أبو طوالة أنَّ لفظَ «العَجوة» لا يحفظه هو في الحديث، وإنَّما يسمَعه مِن النَّاس (٦)؛ على أنَّ أصحابه قد اختلفوا عليه أيضًا! فرواه عنه بعضهم بزيادة لفظ «العجوة» (٧).

وعندي أنَّ رواية هاشم بن هاشم الَّتي بلفظ «العجوة»، أصوبُ مِن روايةِ أبي طوالة، لبعضِ مُرجِّحاتٍ، منها:

أولًا: عدمُ اختلاف أصحاب هاشم عليه في لفظ «العَجوة»، عكسَ رِوايةِ


(١) انظر «شرح النووي على مسلم» (١٤/ ٢ - ٣)، ويخصُّها بعضهم بعَجوةِ العاليةِ تحديدًا، لورود حديث فيها سيأتي قريبا.
(٢) هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبى وقاص القرشى الزهرى، ثقة، ممن عاصروا صغار التابعين، توفي في بضع وأربعين ومائة من الهجرة، انظر «تهذيب الكمال» (٣٠/ ١٣٧).
(٣) عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم الأنصارى النجارى، أبو طوالة المدنى، قاضى المدينة، ثقة من صغار التابعين، توفي (١٣٤ هـ)، انظر «تهذيب الكمال» (٣٣/ ٤٤٥).
(٤) انظر «فتح الباري» لابن حجر (١٠/ ٢٣٩).
(٥) أخرجه مسلم في (ك: الأشربة، باب: فضل تمر المدينة، رقم: ٢٠٤٧).
(٦) «المستخرج على مسلم» لأبي عوانة (٥/ ١٨٩).
(٧) انظر «شرح مشكل الآثار» للطحاوي (١٤/ ٣٦١)، و «شرح السنة» للبغوي (١١/ ٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>