للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول ابن عبد البرِّ: «هذا حديث صحيح ثابت مِن جهة الإسناد، لا يختلفون في ثبوتِه، رواه عن أبي هريرة رضي الله عنه جماعة مِن التَّابعين، ورُوي مِن وجوه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم مِن روايةِ الثِّقات الأئمَّة الأثبات» (١).

ويقول ابن القيِّم: «هذا حديث صحيح متَّفق على صحَّتِه، لم تزل الأمَّة تتلقَّاه بالقَبول مِن عهد نبيِّها صلى الله عليه وسلم قرنًا بعد قرنٍ، وتقابله بالتَّصديق والتَّسليم، ورواه أهل الحديث في كتبِهم، وشهدوا به على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قاله، وحكموا بصحَّته» (٢).

ومِمَّن نصَّ على بلوغِه مبلغَ التَّواتر عن صَحابِيِّه ابنُ كثير الدِّمشقي (ت ٧٧٤ هـ)، حيث قال: «مَن كذَّب بهذا الحديث فمُعانِد؛ لأنَّه متواتر عن أبي هريرة رضي الله عنه، وناهيك به عدالةً، وحفظًا، وإتقانًا؛ ثمَّ هو مَرويٌّ عن غيره مِن الصَّحابة .. » (٣).

وأمَّا النَّظر الثَّاني: فإنَّ الحديثَ جارٍ على مُقتضى الأُصُول الشرعيَّة، ليس مخالفًا لشيءٍ منها؛ حتى قال ابن عبد البرِّ: «هذا الحديث مِن أَوضح ما رُوِيَ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم في إثبات القَدَر ودفع قول القدريَّة» (٤).

ووَجه ذلك: أنَّ الحديثَ قد انتظمَ مَعاقد الإيمان بالقَدر، بدلالةِ المنطوقِ والمَفهوم.

فأمَّا دَلالَته على هذه المَعاقد بالمَنطوق:

فمِن جِهة أنَّه وَقع التَّنصيصُ في الحديث على كتابةِ الله السَّابقة لمعصية آدم عليه السلام، ولِمَا ترتَّب عليها مِن مصيبة الإخراج.


(١) «التَّمهيد» (١٨/ ١٢).
(٢) «شفاء العليل» (ص/١٣).
(٣) «البداية والنهاية» (١/ ١٩٨)، وانظر «العواصم والقواصم» لابن الوزير (٨/ ٣٦٢).
(٤) «التمهيد» (١٨/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>