للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيأتون نوحًا، فيقولون: يا نوح، أنت أوَّل الرُّسل إلى الأرض، وسمَّاك الله عبدًا شكورًا، اِشفع لنا إلى ربِّك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم: إنَّ ربِّي قد غضب اليومَ غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنَّه قد كانت لي دعوة دعوت بها على قومي، نفسي نفسي! اِذهبوا إلى إبراهيم عليه السلام، فيأتون إبراهيم، فيقولون: أنت نبيُّ الله وخليله مِن أهل الأرض، اِشفع لنا إلى ربِّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بَلَغنا؟! فيقول لهم إبراهيم: إنَّ ربِّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، وذكر كذِباته، نفسي نفسي! اِذهبوا إلى غيري، اِذهبوا إلى موسى.

فيأتون موسى عليه السلام، فيقولون: يا موسى، أنتَ رسول الله، فضَّلك الله برسالاته، وبتكليمِه على النَّاس، اِشفع لنا إلى ربِّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟! فيقول لهم موسى عليه السلام: إنَّ ربِّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنِّي قتلت نفسًا لم أُومر بقتلها، نفسي نفسي! اِذهبوا إلى عيسى عليه السلام.

فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله، وكلَّمتَ النَّاس في المهد، وكلمةٌ منه ألقاها إلى مريم، وروح منه، فاشفع لنا إلى ربِّك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟! فيقول لهم عيسى عليه السلام: إنِّ ربِّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر له ذنبًا، نفسي نفسي! اِذهبوا إلى غيري، اِذهبوا إلى محمَّد صلى الله عليه وسلم.

فيأتوني فيقولون: يا محمَّد، أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، وغفر الله لك ما تقدَّم مِن ذنبك، وما تأخَّر، اِشفع لنا إلى ربِّك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فأنطلقُ، فآتي تحت العرش، فأقع ساجدًا لربِّي، ثمَّ يفتح الله عليَّ ويلهمني مِن مَحامده وحسنِ الثَّناء عليه شيئًا لم يفتحه لأحدٍ قبلي، ثمَّ يُقال: يا محمَّد، اِرفع رأسك، سَلْ تُعطه، اِشفع تُشفَّع، فأرفعُ رأسي، فأقول: يا ربِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>