للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَشْرًا، فرجعتُ إلى مُوسى فقال مثله، فرجعتُ فَوضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرجعتُ إلى مُوسى فقال مثلَهُ، فرجعتُ فوضعَ عنِّي عَشْرًا، فرجعتُ إلى موسى فقال مثلَهُ، فرجعتُ فَأُمرتُ بعشر صلواتٍ كلَّ يوم، فَرجعتُ فقال مثلَهُ، فرجعت فأُمِرتُ بخمسِ صَلَواتٍ كلَّ يوم، فرجعت إلى موسى فقال: بمَ أُمرتَ؟ قلتُ: أُمرتُ بخمسِ صلواتٍ كلَّ يوم، قال: إنَّ أُمَّتَك لا تستطيعُ خمسَ صلواتٍ كلَّ يوم، وإنِّي قد جرَّبتُ النَّاسَ قبلك وعالجتُ بني إسرائيلَ أشدَّ المعالجة، فارجع إلى ربِّك فاسأله التَّخفيف لأمَّتك، قال: سألتُ ربِّي حتَّى استحييتُ، ولكن أرضى وأُسَلِّم، قال: فَلمَّا جاوزتُ نَادَى مُنَادٍ: أَمْضيتُ فريضتي، وخَفَّفْتُ عن عبادي» متَّفق عليه (١).

وعن أنس قال: كان أبو ذر رضي الله عنه يُحدِّثُ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «فُرِجَ سَقْفُ بيتي وأنا بمكَّةَ، فنزلَ جبريلُ، فَفَرَجَ صدري، ثُمَّ غَسَلَهُ بماءِ زَمْزَم، ثُمَّ جاءَ بطست من ذهبٍ مُمتلئٍ حكمةً وإيمانًا، فأفرغَها في صدري، ثُمَّ أَطبَقه، ثُمَّ أَخذَ بيدي فَعَرَجَ بي إلى السَّماءِ، فَلمَّا جاء إلى السَّماء الدُّنيا، قال جبريل لخازن السَّماء: اِفتح، قال: مَن هذا؟ قال: هذا جبريل، قال: معك أحدٌ، قال: معي مُحَمَّدٌ، قال: أُرْسِلَ إليه؟ قال: نعم، فَافْتَح، فلمَّا عَلَونا إلى السَّماء إذا رَجُلٌ عن يمينه أَسْوِدَةٌ (٢)، وعن يَساره أَسودة، فإذا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحك، وإذا نَظَرَ قِبل شماله بكى، فقال: مَرحَبًا بالنَّبيِّ الصَّالحِ، والابنِ الصَّالحِ، قلتُ: مَن هذا يا جبريل؟ قال: هذا آدم، وهذه الأَسْودةُ عن يمينه وعن شماله نَسَم بَنيِهِ (٣)، فَأهْلُ اليمينِ مِنهمْ أهْلُ الجنَّةِ، والأَسْوِدة الَّتي عن شماله أَهل النَّارِ، فإذا نَظَر قِبَل يَمِينهِ ضَحِكَ، وإذا نَظَر قِبل شماله بكى .. » الحديث.


(١) أخرجه البخاري في (ك: مناقب الأنصار، باب: المعراج، رقم: ٣٨٨٧)، ومسلم في (ك: الإيمان، باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم: ١٦٤).
(٢) أَسْوِدة: جمع سواد، كسنام وأسنمة، وفسر الأسودة في الحديث بأنَّها نَسَم بنيه، وتجمع الأسودة على أساود، والسواد: الشخص، وقيل السواد: الجماعات، انظر «شرح صحيح مسلم» للنووي (٢/ ٢١٨).
(٣) نَسَم بنيه: الواحدة نسمة، وهي نفس الإنسان، والمراد: أرواح بنى آدم، المصدر السَّابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>