للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب! قال: كانت هناك رسالات قبل البعثة، والعرب من قوم إبراهيم، وهم متعبدون بدينه .. ! قلتُ: العَرب لا مِن قوم نوح، ولا مِن قوم إبراهيم، وقد قال الله تعالى في الَّذين بُعث فيهم سيد المرسلين: {وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ} [سبأ: ٤٤] .. وللفقهاء كلام في أنَّ أبَوي الرَّسول ليسا في النَّار، يردُّون به ما تَروُون .. » (١).

أمَّا (يوسف القَرَضاوي)، وإن استشكل هو المتنَ جدًّا، لكنَّه لم يقتحِم حِماه كشأنِ الغزاليِّ، فكان مِمَّا قاله تعليقًا عليه:

« .. ما ذنبُ عبدِ الله بنِ عبد المطلب حتَّى يكون في النَّار، وهو مِن أهل الفترةِ، والصَّحيح أنَّهم ناجون؟ .. لهذا تَوقَّفتُ في الحديث حتَّى يظهر لي شيءٌ يَشفي الصَّدر.

أمَّا شيخنا الشَّيخ محمَّد الغزالي: فقد رفض الحديث صراحة! لأنَّه ينافي قولَ تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: ١٥]، وقولَه تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى} [طه: ١٣٤]، {أَن تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ} [المائدة: ١٩].

والعَرب لم يُبعث إليهم رسول، ولم يأتهم نذير قبل محمَّد صلى الله عليه وسلم كما صرَّحت بذلك جملة مِن آياتٍ في كتاب الله {لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} [يس: ٦] .. {وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ} [سبأ: ٤٤].

ولكنِّي أُوثِر في الأحاديثِ الصِّحاح التَّوقف فيها، دون ردِّها بإطلاق، خشيةَ أن يكون لها معنى لم يُفتح علَيَّ به بعدُ» (٢).

هذا؛ ويزيد بعض الإماميَّةِ المُحْدَثينَ (٣) تناقضًا آخر بين الحديث والقرآن، وهو:


(١) «هموم داعية» لمحمد الغزالي (ص/٢١ - ٢٢).
(٢) «كيف نتعامل مع السنة النبوية» ليوسف القرضاوي (ص/١١٧).
(٣) وهم في هذه الشُّبهة تَبعٌ لأئمَّتهم المتقدِّمين، وقد عزا هذا القول إلى الشِّيعة واستدلالهم بما يأتي من آية عليه: الفخر الرازي في «مفاتيح الغيب» (١٣/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>