للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعارضة الثَّانية: أنَّ دعوى جِماع سليمانَ عليه السلام لذاك العَدِد الكبيرِ مِن النِّساء في ليلةٍ مستحيلٌ من جِهة القدرةِ الخَلقيَّة للبَشرِ.

وفي تقرير هذه الشُّبهة، يقول (عبد الحُسين الموسويُّ): «القوَّة البشريَّة لَتَضعُف عن الطَّوافِ بهنَّ في ليلةٍ واحدةٍ مهما كان الإنسان قويًّا، فما ذَكَره أبو هريرة مِن طوافِ سليمان عليه السلام بهنَّ مُخالفٌ لنَواميسِ الطَّبيعة، لا يُمكن عادةً وقوعُه أبدًا» (١).

ويزيد عليه (الغُول) إيغالًا في الشُّبهةِ فيقول: «بعيدًا عن الخوارقِ والمَعاجزِ للقوَّة والقدرة، وحتَّى مِن حيث الفترة الزَّمنية، فإنَّ فترة ليلةٍ واحدة لا تكفي مُطلقًا لقضاءِ وَطَرٍ مع مائةٍ مِن النِّساء» (٢).

المعارضة الثَّالثة: أنَّ ترْكَ سليمان عليه السلام التَّعليقَ بالمَشيئةِ الإلهيَّة، مع تذكيرِ صاحبِه له بها، نوعٌ مِن الإعراضِ يتنزَّه عن مثلِه الأنبياء عليهم السَّلام.

يقول (المُوسَويُّ): «لا يجوز على نبيِّ الله تعالى سليمان عليه السلام أن يترك التَّعليقَ على المشيئة، ولاسيما بعد تنبيهِ المَلَك إيَّاه إلى ذلك، وما يمنعُه مِن قَولِ إن شاء الله؟ وهو مِن الدُّعاةِ إلى الله والأدِلَّاء عليه، وإنَّما يتركُها الغافلون عن الله عز وجل .. وحاشا أنبياء الله عن غفلة الجاهلين» (٣).

ويزيد (إسماعيل الكرديُّ) قائلًا: «مِن الغَرائبِ ما وَرد في أحَدِ طُرق الحديث، مِن أنَّ سليمان عليه السلام بعد أن ذكَّرَه صاحبه أنَّه: «لم يَقُل، ونسَيَ»، هذا في حيِن أنَّ النِّسيان قد يَقَع عند عدَمِ التَّذكير، أمَّا إذا ذُكِّر الإنسان بقولِ شيءٍ، ومع ذلك لم يقُله، فهذا لا يُسَمَّى نِسيانًا!» (٤).


(١) «أبو هريرة» (ص/٨٣).
(٢) «عفوًا صحيح البخاري» (ص/٣٧١).
(٣) «أبو هريرة» (ص/٨٣).
(٤) «نحو تفعيل قواعد نقد متن الحديث النبوي» (ص/١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>