التُّهمة الثَّانية: تركُ البخاريِّ الرِّوايةَ عن بعضِ كِبارِ آلِ البيتِ، أشهرُهم في ذلك جعفرٌ الصَّادق، مِمَّا يَنِمُّ عن عَداوتِه له، وغَمْطِه لعِلْمِه.
التُّهمة الثَّالثة: روايتُهما عن النَّواصِب.
وفي تقريرِ هذه الدَّعاوى على الشَّيخين، يقول (صادق النَّجميُّ):
«إنَّك ترَى في البخاريَّ ومسلم وصَحيحَيهما هذه العصبيَّة المُفرطة، عندما تقرأ كتابَيهما، وتُلاحظ أنَّهما لمَّا يُواجهان فضيلةً مشهورةً، ومَنقبةً مهِمَّةً مِن مناقب أميرِ المؤمنين علي عليه السلام، وفيها دلالةٌ صريحةٌ على أفضليَّتِه لأمرِ الخلافةِ، وتَقدُّمِه على الآخرين، فإنَّهما يُبادِران إلى تَعتيمِها.
وهذه المَناقب والفضائل قد وَرَد ذكرُها في سائرِ الصِّحاح السِّتة، والمَدارك المُعتبَرة لدى أهلِ السُّنة، وهي مِن يَقينيات الحوادثِ التَّاريخيَّة ومُسلَّماتها، وهي مِمَّا أجمع عليه علماء السُّنة والشِّيعة، مثل: حديث الغَدير، آية التَّطهير، حديث الطَّائر المَشوِيِّ، حديث سَدِّ الأبواب، وحديثِ أنا مدينة العلم وعليٌّ بابُها، وقد رَوَى كلَّ واحدةٍ مِن هذه الفضائل والمَناقب عشراتُ الصَّحابة، وأثبتَها علماءُ أهلِ السُّنة في كُتبِهم المُعتبرة، إلَّا أنَّ البخاريَّ الَّذي لم يَرضَ أن ينقُل هذه المناقب المُسلَّمة واليقينيَّة، ويخصِّص لها بابًا خاصًا في صحيحِه فحسب، بل أفردَ بابًا خاصًّا في فضائل معاوية!».
وقال أيضًا:«الفريدة الوحيدة الَّتي صَدَرت عن البخاريِّ ومسلم في نقلِهما الحديثَ عن أهلِ البيت عليهم السَّلام هي: أنَّهما نَقَلا روايةً مُختلَقةً ومُزيَّفةً، نَسَباها إلى الإمامِ زين العابِدين عليه السلام على أنَّه قال: إنَّ أمير المؤمنين علي وفاطمة عليهما السَّلام لم يكونا يَستيقظان للصَّلاة، وكان النَّبي يوقِظُهما! فقال عليٌّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا، فأجابَه النَّبي بآيةِ {وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً}[الكهف: ٥٤]، تقريعًا لعليٍّ!».
ثمَّ قال: «إنَّهما نَقَلا أحاديثَ عن بعضِ الرُّواة الَّذين هم مِن الخوارج والنَّواصب، وخاصَّةً الَّذين ثَبَتت عداوتُهم ومُنابَذتهم لأهلِ البيت عليهم السَّلام