للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: على مَكانِكما! فقَعَد بينَنا، حتَّى وجدتُ برْدَ قَدَمَيْه على صدري، وقال: ألا أُعلِّمكما خيرًا مِمَّا سألتُماني .. » الحديث (١).

وانفرَدَ البخاريُّ عن مسلمٍ بحديثِ ابنِ عمر، حين سُئِل عن عليٍّ رضي الله عنه فقال: «هو ذاك بيتُه، أوسَطُ بيوتِ النَّبي صلى الله عليه وسلم .. » (٢)، وأثرِ عليٍّ رضي الله عنه حيث قال: «اقْضُوا كما كنتُم تَقْضون، فإنِّي أكرَهُ الاختلافَ .. » (٣)، وبه خَتَم الباب.

وانفردَ مسلمٌ عن البخاريِّ بحديث: « .. وأنا تاركٌ فيكم ثَقَلين: أوَّلُهما كتابَ الله .. ، ثمَّ قال: وأهلَ بيتي، أذكِّرُكم الله في أهلِ بيتي .. » الحديث (٤)؛ وخَصَّص هو بابًا مُستقِلًّا في فضلِ آل البيت، جعَلَ تحتَه حديثَ عائشة رضي الله عنها المَشهورَ بحديثِ الرِّداء، قالت فيه: خَرَج النَّبي صلى الله عليه وسلم غَداةً، وعليه مُرطٌ مُرحَّل مِن شَعرٍ أسودٍ، فجاءَ الحسنُ بن عليٍّ فأدخلَه، ثمَّ جاءَ الحُسين فدخَل معه، ثمَّ جاءت فاطمة فأدخَلها، ثمَّ جاء عليٌّ فأدخَله، ثمَّ قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} [الأحزاب: ٣٣].

ومع ذكرهما لهذه الفضائل كلِّها، فلم يَكتفِيا بذكرِ فضائلِ عليٍّ رضي الله عنه بهذا البابِ فقط، حتَّى ذَكرا ما يُفيد فضيلَتَه رضي الله عنه في غيرِه من الأبوابِ، كما قاله ابن حَجرٍ: «قد أخرجَ المُصنِّف مِن مَناقبِ عليٍّ رضي الله عنه أشياءَ في غيرِ هذا المَوضع .. » (٥).

ومنشأُ ذلك أنَّ أهلَ السُّنةِ لم يَرِد عندهم في حَقِّ أحدٍ مِن الصَّحابةِ من الفضائل بالأسانيدِ الجِيادِ أكثرَ مِمَّا جاء في عليٍّ رضي الله عنه (٦)، قال ابن الجوزي: «غيرَ أنَّ الرَّافضة لم تَقْنع، فوَضَعَت له ما يَضَعُ ولا يَرفع!» (٧).


(١) أخرجه البخاري بـ «رقم: ٣٧٠٥)، ومسلم في (ك: الذكر والدعاء، باب التسبيح أول النهار وعند النوم، رقم: ٢٧٢٧).
(٢) أخرجه البخاري بـ (رقم: ٣٧٠٤).
(٣) أخرجه البخاري بـ «رقم: ٣٧٠٧).
(٤) أخرجه مسلم بـ «رقم: ٢٤٠٨).
(٥) «فتح الباري» (٧/ ٧٤).
(٦) قاله أحمد والنَّسائي وإسماعيل القاضي المالكيُّ، نقله عنهم ابن حجر في «الفتح» (٧/ ٧١)، وكذا قاله ابن تيمية في «منهاج السُّنة» (٨/ ٢٤١)، والذَّهبي في «تلخيص الموضوعات» (ص/١٤١).
(٧) «الموضوعات» (١/ ٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>