للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى هذا جرى اعتقادُ الأمَّةِ قرونًا مُتطاولة، إلى أن صارَت هذه الحادثةُ مِن أكثرِ الرِّوايات الحديثيَّة إسالةً لمدادِ الطَّعنِ في صدِقها اليومَ! يتأبَّطُ شرَّ هذه الحَملةِ المغرضةِ جَوقةٌ من الحُقوقِيِّين المُستغربين، وأربابُ النَّزعات النِّسوية الحديثة؛ يقولون لنا مُتحَزِّنين: كيفَ لرجلٍ في مَقامِ النُّبوة، أن يَتزَّوج صَبيَّةً صغيرةً، وينتهكَ فيها براءةَ الطُّفولة؟!

وبذا صارت أخبارُ سِنِّ زواجِ عائشة رضي الله عنها فتنةً لطائفتين:

طائفة كافرةٍ بالدِّين كلِّه، اتَّخَذَتها مَطيَّةً لبَثِّ الشُّبهةِ في قلوبِ المسلمين على رسولِهم الكريم؛ أنَّه مُجرَّدَ كَهلٍ شَهْوانيٍّ لم يَسْلَم مِن سادِيَتِه حتَّى الأطفال! فلا يَفتأ عُبَّاد الصَّليبِ من التَّذكير بهذه الشُّبهة في كلِّ مَحفلٍ يُتيح لهم نفخَ كِيرهم في وجه الإسلامِ وأهلِه (١).

اسمعْ -مثلًا- للقِسِّ المَعْمَدانيِّ (جِيرِي فايْنِز)، كيف عَوَى في إحدى خُطَبِه في حَقِّ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم فقال: «أُعلِنُ بأنَّ الرَّسول كان يَتَحرَّش بالأطفالِ، وتَزوَّج اثنتي عشر زوجةً، إحداهنَّ لها تسعُ سنوات .. » (٢).

يقول هذا عدوُّ الله، وهو يَعلم أنَّ مثلَ هذا الزَّواج ممَّا تُقرِّه مِلَّتُه! وفَعَلَه أشياخُه في عصرِ المَسيحيَّة الأولى، فإنَّه يجِدُ في «مَوسوعتِهم الكاثوليكيَّة»، الإقرارَ بأنَّ مريم البَتولَ خُطِبَت للزَّواج مِن يوسف النَّجار وعمرها لا يجاوِزُ الثِّنتي عشرة سنةً! وكان خَطيبُها على مَشارفِ التِّسعين مِن عمرِه! (٣)

وأمَّا الطَّائفة الثَّانية فتَنْتَسِبُ للإسلامِ، قد رَاعها ضَجيجُ الطَّائفة الأولى، وأقلقَها رُكامُ الشُّبَهِ المَنثورةِ في حقِّ نبيِّنا وزوجِه على صفحاتِ المَجلَّات


(١) من أشهرهم قِسٌّ مصريٌّ يُدعى (زكريا بُطرس) في كثيرٍ من برامجه التَّلفزيَّة، كبرنامجه «حوار الحقِّ» في قناة (الحياة) الفضائيَّة.
(٢) في مؤتمر سَنويٍّ للكنيسةِ البروتستانتيَّة بمدينةِ سانت لُويس الأمريكيَّة، انظر «معجم افتراءات الغرب على الإسلام» لأحمد محمود زناتي (ص/١٠١).
(٣) انظر رابط المعلومة في موقع الموسوعة الكاثوليكية على الشَّبكة:
Newadvent.org/cathen/٠٨٥٠ a.htm

<<  <  ج: ص:  >  >>