للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا (رزق الطَّويل) فكان السَّباقَ مِن كُتَّابِ الجزيرةِ العَربِيَّة إلى استنكارِ هذه الرِّوايات في سِنِّ عائشة في إحدى مَقالاتِه الصُّحفيَّة (١)؛ لم يَلبث أن صكَّه (خليل مُلَّا خاطر) في كتابٍ له بَسيطٍ أسماه: «زواجُ السَّيدة عائشة، ومَشروعية الزَّواج المبكِّر، والرَّد على مُنكري ذلك».

وهكذا توسَّعت رُقعةُ الشُّبهةِ رويدًا رويدًا، لتبلُغَ أقاصيَ العالم الإسلاميِّ:

فمِن بلادِ السِّندِ شَرقًا: حيث تَقبع شراذمُ المُنكرينَ للسُّنَن، حيث يبرُز رأسُهم (غُلام جِيلَاني)، يُعلنها في جموعِ قُرَّاءِه قائلًا: «إنَّ هذه الأحاديث الَّتي لم تُنقد متونها، هي غير صحيحة، لأنَّ بِنتًا صغيرةً في هذا السِّن، والَّتي كانت في غايةِ الضَّعفِ مِن الحُمَّى الَّتي أصابتها، لا يُمكن أن تَتَحمَّل الجماع!» (٢).

إلى بلاد المغربِ الأقصى غربًا: حيث تَلقَّف مَقالَ (البِحيريِّ) جموعٌ مِمَّن يسعى لتحريفِ مُدوَّنة الأسرة المغربيَّة بما يَتَوافق وتوصياتِ (سيداو) (٣)؛ كما تراه في مَقالٍ لأحد كُتَّاب الصُّحف عندهم، يقول فيه:

«إنَّ نقد رواية سنِّ عائشة حينَ الزَّواج، جدَّ فيها جَديد، هو ما نشرته الصَّحافة المصريَّة، ونقلته صحُف أخرى عنها، ومن بينها الصُّحف المغربيَّة، والقرائن الَّتي جمعها صاحب البحث تؤدِّي إلى أنَّ الزَّواج تمَّ وكان سنُّ عائشة رضي الله عنها بين السَّابعة عشر والثَّامنة عشر، وليس سنُّ التَّاسعة!

وقد كان المفروض في هذا الصَّدد أن يتولَّى نخبة من العلماء من المجلس العلمي الأعلى والمجالس المحليَّة ودار الحديث الحسنيَّة الموضوعَ! واستخلاص ما يجب استخلاصه من نقد الرِّوايات، ومقارنة بعضها ببعضٍ بأسلوبٍ علميٍّ رصينٍ، يحقُّ الحقَّ ويُبطل الباطل في هذا الصَّدد ..


(١) نشرت له جريدةِ «المدينة» مقالًا في ذلك منشورًا بتاريخ ١ شعبان ١٤٠٤ هـ.
(٢) في كتابه بالأرديَّة «دو إسلام» (ص/٢٢٧)، نقلًا عن «اهتمام المحدِّثين» لمحمد لقمان (ص/٤٩٠).
(٣) وهي اتفاقية عُقدت من قِبل الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، تم اعتماد المعاهدة في ١٨ ديسمبر ١٩٧٩ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>