للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَقدَّم القائلين بهذا (محمود أبو ريَّة) (١) و (صالح أبو بكر) (٢)؛ يَستدلُّون على ذلك بما يَرَوْنَه أماراتٍ مُنكرةٍ في المتنِ تكشفُ لهم مصدرَه اليهوديَّ -فيما يزعمون- في اختلاقِها.

ولا ريبَ أنَّ هذا الرَّأي تَوسُّعٌ غير جيِّدٍ في معنى الإسرائيليَّات، ولم أقِف على مَن قال به مِن أهل العلمِ المُعتبرين، ولا نَسَبه مَن قال به إلى سَلَفٍ (٣)؛ بصرفِ النَّظرِ عن وَهاءِ ما يَعدُّونه أمارةً على نكارةِ المتنِ واختلاقِه.

وقد وُجِد من أدخلَ في مفهوم الإسرائيليَّاتِ كلَّ ما تَطَرَّق إلى التَّفسيرِ والحديثِ مِن أساطيرٍ مَنسوبةٍ في أصلِ روايتِها إلى غيرِ المصدَرَين اليَهوديٍّ والنَّصرانيِّ! «ليلحَقَ بها ما هو عَربيُّ الأصل أيضًا، مثل بعض القصَّاصين اللَّذين تَأثَّروا بطريقة أهلِ الكتاب، فرَووا قَصصًا ليس مصدرها أهل الكتاب، لكن لا تخرُج بمعانيها مِن مادَّة الإسرائيليَّات، بل ربَّما وَضَعوا بعضَها وَضعًا» (٤).

وفي هذا الرأيِّ كسادٌ كسابِقه؛ إذ ثمَّة فرقٌ بين ما يَروِيه أهلُ الكتابِ أنفسُهم، وما وَضَعه عليهم الوضَّاعون بعدهم! هذا أمْيَلُ إلى حكمِ الخُرافةِ، قد انتفت عنه المَصدريَّة الإسرائيليَّة المَطلوبة في التَّعريفِ.


(١) انظر «أضواء على السنة المحمدية» له (ص/١٥٤).
(٢) في كتابه «الأضواء القرآنية في اكتساح الأحاديث الإسرائيلية وتطهير البخاري منها»، فكثيرًا ما يطلق عبارات توحي بأنَّ الإسرائيليَّات موضوعات دسَّها اليهود لخدمة مصالحهم وهدم الإِسلام، انظر مثلًا (ص/١٠، ١٢، ١٢٣، ١٦٧).
(٣) انظر «تفسير القرآن بالإسرائيليات، نظرة تقويمية» لمساعد الطيار (ص/١٦)
(٤) «كعب الأحبار وأثره في التفسير» لخليل إلياس (ص/١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>