للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا عَلمانيُّو العَرب: فلأنَّهم جَهَلةٌ بدَقائقِ علمِ الحديث، وقواعدِ الجرحِ والتَّعديل، عَجَزةٌ عن فقهِ أسبابِ صحَّةِ الحديثِ أو ضعفِه، وسلوكِ مَضايقِ علومِ الإسناد، لم يَعُد لهم مِن خَيارٍ للخروج مِن هذه التَّراتيب المُعقَّدة إلَّا الولوغ في حِياضِ متونِ «الصَّحيحين»؛ وذلك -حسب ما يقولُ (عبد الجواد ياسين) - «لأنَّ البخاريَّ ومسلمًا يجُبَّان ما دونهما مِن الكُتب في مفهومِ أهل السُّنة، سوف نُحاول التَّركيز على مَرويَّاتهما فى هذا الصَّدد» (١).

والَّذي يظهر لكلِّ مَن تتبَّع إنتاجات هؤلاء في غارتهم على السُّنة، أنَّ اشتدادَ مُحاولاتِ التَّطويرِ واستهدافِ «الصَّحيحين» في ظروفِنا الرَّاهنةِ «يُمثِّل عَمَلًا مُنَظَّمًا تكمُن خلفَه قِوىً مُعيَّنة؛ فقد تَتابَعت المُؤلَّفات في هذا الموضوع» (٢)، وتواترت المَرئيَّات فيه على وسائل التَّواصل الاجتماعيِّ.

فمن قريبٍ فوجِئنا بمُؤسَّسة أمريكيَّة رَسميَّة كبيرةٍ بحجمِ (الكونْغرس) تُهاجِم «صحيحَ البخاريَّ» عبر عُملائها العرب، في مَقطعٍ مَرئيٍّ صفيق أسمته «حقائق صادمة عن البخاريِّ»! مُنتِنٍ بالأغاليطِ الكاذبةِ عبر مِنْبرِها الإلكترونيِّ (أصوات مَغاربيَّة) (٣).

وهي أيضًا مَن يدعمَ برنامجين تلفزيَّين على قناتِها (الحُرَّة)، أوَّلهما باسم «إسلام حرٌّ» لإسلام بحيري المصريِّ! الوالهِ بغمز البخاريِّ والطَّعن بأهل الحديث؛ وثانيهما «مُختلَف عليه»، يقدِّمه الإعلاميُّ إبراهيم عيسى! ليس له همٌّ فيه إلَّا إسقاط الرُّموز وتوهين الثَّوابت الإسلاميَّة؛ قد خصَّص منه حلقةً كاملةً للتَّشكيك في مصداقيَّة البخاريِّ وجدوى «صحيحِه».


(١) «السلطة فى الإسلام» (ص/٢٩٢)، وانظر «دين السلطان» لنيازي (ص/١٠٣ - ١١٣).
(٢) «مرويات السِّيرة» لأكرم العمري (ص/٤١).
(٣) وهو موقع يُشرف عليه مجلس أمناء البثِّ الإذاعي والتلفزيوني BBG، وهي وكالة فيديراليَّة أمريكية مستقلة، بتمويل من الكونغرس الأمريكي، كما أنَّه تابع لشبكة الشرق الأوسط للإرسال MBN التي تُدير قناة (الحُرَّة)! والمَقطع المَرئي عن البخاريِّ نشرته على جميع منصَّاتها الإلكترونية، بتاريخ ٣١ يناير ٢٠١٨ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>