للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه لا شكَّ مِن المَقالات الفاحشة المُزرية بالوحاظيِّ، لولا أنَّ سَندَ أبي داود فيه جهالةٌ في الواسطة! حيث قال: «حُدِّثتُ .. ».

ثمَّ إنَّ أبا بكرٍ رضي الله عنه معلوم بالتَّواتر أنَّه مات ميتةً عاديةً ولم يُقتَل! وعمر رضي الله عنه إنَّما قتلَه أبو لؤلؤة المَجوسيُّ، ولم يُعِن على ذلك أحدٌ من الصَّحابة؛ هذا مِن القطعيَّات التَّاريخيَّة، فكيف لهذا الرَّاوي أن يكذب هذه الكذبة السَّاذجة المفضوحة؟!

ولذلك أستبعد صدروها منه، وهو الَّذي أثنى الأئمَّة على تحفُّظِه للحديث، وعلى رجاحةِ عقلِه ونُبلِه؛ وأبو داود نفسُه -الَّذي نقل تلك العبارة عنه- قد رَوى عنه في «سُنَنِه» ثلاثة أحاديث (١)!

نعم؛ لا يعني هذا أن تُنفى التُّهمة عنه بالمرَّة، وإن كان مَقبولَ النَّقلِ باتِّفاق، يستحقُّ قول الدَّارقطني فيه: «هو مِن الأثبات في الحديث، وهو سَيِّء المذهب، له قول في عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه، قيل: يَسُبُّ؟ قال: نعم» (٢).

فأمَّا مسلمٌ فلم يروِ عنه شيئًا.

وأمَّا البخاريُّ، فلم يروِ عنه إلَّا حديثًا مُسندًا واحدًا (٣): حديثَ أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، أنَّه حين رأى سِكَّةً وشيئًا مِن آلة الحرث، فقال: سمعتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يدخلُ هذا بيتَ قومٍ، إلَّا أدخله الله الذُّل»؛ وهذا خبرٌ -كما ترى- لا علاقة له ببدعةِ النَّصب.

٧ - حصين بن نمير (ت ١٧١ - ١٨٠ هـ): ليس فيه إلَّا قول ابن أبي خيثمة: «أتيتُه، فإذا هو يحملُ على عليٍّ رضي الله عنه، فلم أعُد إليه» (٤)، ولستُ أعلمُ أحدًا مِمَّن ترجم له رَماه به إلَّا ابن أبي خثيمة! والكُلُّ على تعديلِه.


(١) في (ك: الصلاة، جماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها، رقم: ١١٦٢)، وفي (ك: الزكاة، باب: زكاة السائمة، رقم: ١٥٨٢)، وفي (ك: الفتن والملاحم، باب ذكر الفتن ودلائلها، رقم: ٤٢٤٢).
(٢) «العلل» للدارقطني (١٤/ ٢٨٩).
(٣) «تهذيب الكمال» (١٤/ ٥٥٠)، و «فتح الباري» لابن حجر (٥/ ٤).
(٤) «تهذيب التهذيب» (٢/ ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>