للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الَّذي استحدَثَ مبدأَ حُجِيَّة السُنَّة، وكان العمل قبله على السُنَّةِ المذهبيَّة ..

وأنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم لم يترُك أوامرَ ولا أحكامًا سِوى القرآن» (١)!

ثمَّ انتقَلَت هذه الفتنة بعد تَقسيم الهندِ إلى بلادِ السِّندِ باكستانَ، تحت مسمَّى فرقةِ (البَرْوِيزيِّين) (٢)، فلم يلبثوا أن شنُّوا الغارةَ بدورهم على السُّنةِ ودواوينِها على حين غرَّةٍ من المسلمين المُنهَكين مِن بطشِ المُحتلِّ البريطانيِّ، مُتذرِّعين في ذلك بشعارات التَّجرُّد وغربلةِ التُّراث، مُنادين بالتَّحرُّر مِن أغلالِ الأسلافِ باسم «الإصلاح».

يشهد المباركفوري (٣) على هذه الحقبة العصيبة من تاريخ المسلمين في تلك الأصقاع النَّائية فيقول:

«إنَّ رجلًا قد خرجَ في (الفِنجاب) مِن إقليمِ الهند، وسَمَّى نفسه بأهلِ القرآن، وشتَّان بينه وبين أهل القرآن! بل هو مِن أهل الإلحاد! وكان قبلَ ذلك مِن الصَّالحين؛ فأضَلَّه الشَّيطان، وأغواه، وأبعدَه عن الصِّراط المستقيم، فتَفوَّه بما لا يَتكلَّم به أهل الإسلام!

فأطالَ لسانَه في ردِّ الأحاديث النَّبويَّة بأسرِها ردًّا بليغًا، وقال: هذه كلُّها مَكذوبة، ومُفتريات على الله تعالى، وإنَّما يجب العمل بالقرآن العظيم فقط، دون أحاديث النَّبي صلى الله عليه وسلم، وإن كانت صحيحةً متواترةً! .. وغير ذلك مِن أقوالِه الكفريَّة؛ وتَبِعه على ذلك كثيرٌ مِن الجهَّال، وجعلوه إمامًا؛ وقد أفتى علماء العصرِ بكُفرِه وإلحادِه، وخرَّجوه عن دائرِة الإسلام، والأمر كما قالوا» (٤).


(١) «موقف الاستشراق من السنة والسيرة النبوية» لأكرم العمري (ص/٧٢ - ٧٤).
(٢) نسبةً إلى (غُلام أحمد برويز)، رئيس جمعية «أهل القرآن» في الهند، وصاحب مجلة «طلوع الإسلام» التي نشر فيها أفكاره، هاجر من الهند إلى مدينة كراتشي بباكستان التي ما تزال حتى اليوم حاضرة (البرويزيِّين)، توفي سنة (١٩٨٥ م)، انظر «شبهات القرآنيين حول السُّنة» لمحمود مزروعة (ص/٢٧)، و «زوابع في وجه السنة» (ص/٧٥ - ٧٦).
(٣) محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري، صاحب الشرح المشهورِ على الترمذي المسمى بـ «تحفة الأحوذي»، وهو من أجلَّة أهل الحديث في الهند، الَّذين واكبوا بروز هذه الطَّائفة الباغية في الهند، توفي (١٣٥٣ هـ)، انظر «الإعلام بما في الهند من أعلام» للطالبي (٨/ ١٢٧٢).
(٤) «تحفة الأحوذي» (٧/ ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>