للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه فِرية لا تُسندها مِسكة دليلٍ ولا شاهد تاريخ، تسقطُ اعتبارَ الكتابِ من أساسِه (١)، يقول مصطفى السِّباعي في معرضِ ردِّه عليها: «هذه دعوى جديدة، لا وجود لها إلا في خيالِ كاتِبها، فما رَوَى لنا التَّاريخ أنَّ (الحكومة الأمويَّة) وَضَعَت الأحاديثَ لتُعمِّمَ بها رأيًا مِن آرائِها، ونحن نسأله: أين هي تلك الأحاديث الَّتي وضعتها الحكومة؟! إنَّ علماءنا اعتادوا ألَّا ينقلوا حديثًا إلَّا بسندِه، وها هي أسانيد الأحاديث الصَّحيحة محفوظةٌ في كُتبِ السُّنة، ولا نجدُ في حديثٍ واحدٍ مِن آلافِها الكثيرة، في سندِه عبد الملك، أو يزيد، أو الوليد، أو أحد عُمَّالهم كالحجَّاج، وخالد بن عبد الله القسري، وأمثالهم، فأين ضاعَ ذلك في زوايا التَّاريخ لو كان له وجود؟!» (٢).

ويقول المُعلِّمي: «أبو هريرة، والمغيرة، وعمرو، ومعاوية، صحابيُّون رضي الله عنه، وكلُّهم عند أهل السُّنة عُدول، ثمَّ كانت الدَّولة لبني أميَّة، فلو كان هؤلاء يَستحِلُّون الكذبَ على النَّبي صلى الله عليه وسلم في عيبِ عليٍّ رضي الله عنه، لامتلأَ الصَّحيحان -فضلًا عن غيرهِما- بعَيْبِه وذمِّه وشتمِه، فما بالُنا لا نَجِدُ على هؤلاء حديثًا صحيحًا ظاهرًا في عَيْبِ عليٍّ، ولا في فضلِ معاوية؟!» (٣).

لكن المُؤلِّف مع ذلك مُصرٌّ على عِمايتِه في اتِّهامه لأبي هريرة رضي الله عنه بالكذبِ (٤)، كما زعَمَ أنَّ كعبَ الأحبارِ قد دَسَّ في الإسلامِ نصوصًا كثيرة مِن كُتب أهلِ الكتابِ المُحرَّفة (٥)، ثمَّ جاء الشَّيخان فأودَعاها في «صَحيحَيهما» (٦)، هكذا مِن غير حَسيبٍ ولا رقيبٍ، ولا انتبَه لذلك أحَدٌ مِن الأمَّة قبله!


(١) انظر الردَّ على هذه التُّهمة في «السنة ومكانتها في التشريع» للسباعي (ص/٢٠٥) و «الأنوار الكاشفة» للمعلمي (ص/٢١١)، و «كتابات أعداء الإسلام» لعماد الشربيني (ص/٤٩٤).
(٢) «السُّنة ومكانتها في التَّشريع» (١/ ٢٠٣).
(٣) «الأنوار الكاشفة» (ص/٢١١).
(٤) «دين السلطان» (ص/١٦٨، ٧١٤).
(٥) «دين السلطان» (ص/١٥٠).
(٦) «دين السلطان» (ص/٧١٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>