للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظيره في القِحة عليهما (محمَّد حمزة)، الَّذي ادَّعى كونهما لم يَسْلَما مِن خُرافةٍ مُختلَقةٍ، أسهَمَ فيها أبو هريرة رضي الله عنه بنصيبٍ وافر، جرَّاء روايتِه عن كعبِ الأحبار (١).

حتَّى المَلاحِدة الصُّرحاء لم يتركوا «الصَّحيحين» لحالِهما شأنًا خاصًّا بالمُسلمين، بل زاحموا بعضَ المُنتسبين إلى الدِّين في رَميِ سهامِ السُّخريةِ والتَّحقير صوبَهما، فتَكلَّفوا الكلام في صَنعةٍ لا قِبَل لهم بفهمِها، وقد ادَّعى المُلحِد (إسماعيل أدهم) بأنَّ أحاديثَهما «ليست ثابتةَ الأصولِ والدَّعائم، بل هي مَشكوك فيها، ويغلبُ عليها صِفةُ الوَضع» (٢).

والقصد منهم نزعِ صِفةِ الوَحيِ عمَّا تَضَمَّنه «الصَّحيحان» من أخبار نبويَّة، بعزلِ أحاديثِهما عن مَرجعيَّتِها وقائلِها، وإسقاط حُجيَّتِها -كسائرِ دواوين السُّنة- بدعوى ظنِّيتها، لتستبيحَ بعدُ نقدَها أو نقضَها على مَزاجِها العَقليِّ.

ولنأخذْ مِثالين على هذه المَواقف الخَشيبةِ من «الصَّحيحين»، لعَلمانِّيَينِ اشتهرا باعتراضِهما على أحاديث السُّنة عمومًا، وعلى أخبارِ «الصَّحيحين» خصوصًا، حتى أطالا النَّفس في ذلك،؛ هما نموذجان يُعطِيان القارئ انطباعًا جُمليًّا عن المُستوى المَعرفيِّ الَّذي بَلَغه رُواد هذا الفكر العَلمانيِّ في نقدِ أصحِّ دواوين السُّنة النَّبوية، فنقول:


(١) «الحديث النبوي ومكانته في الفكر الإسلامي الحديث» لمحمد حمزة (ص/٢٢٦).
(٢) نقله عنه د. محمود الطبلاوي في «الدفاع عن السنة النبوية وطرق الاستدلال» ضمن «مجلة البحوث الإسلامية» (٢٨/ ٣٠٢)، وانظر «السنة ومكانتها في التشريع» للسباعي (ص/٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>