فإنِّي -أنا العبدُ الضَّعيف- لأرجو في قَرارةِ نفسي أنِّي قد قَصدتُ وجهَ الله تعالى في هذا البحثِ بالذَبِّ عن السُّنَنِ النَّبوية وتثبيت الأصولِ الحديثيَّة.
وليس يَضُرُّني بعدُ وقوفُ أهلِ المَعرفةِ على ما لي فيه مِنَ التَّقصير، ومَعرفِتهم أنَّ باعيَ في هذا الميدانِ قصيرٌ، لاعترافي أنِّي لستُ مِنْ نُقَّادِ هذا الشَّان، ولا مِنْ فُرْسَان هذا الميدان؛ غير أنِّي لم أجِد في الأسفارِ ما يجمعُ شتاتَ الرَّدِ على كثيرٍ مِمَّا أحدثه أهل زمانِنا مِن مُعارضاتٍ لأحاديث «الصَّحيحين»، فتَصدَّيتُ لذلك مِن غيرِ إحسانٍ ولا إعجابٍ، ومَنْ عُدمَ الماءَ تَيمَّم التُّراب!
عالمًا بأنِّي لو كنتُ باريَ قوْسِهَا ونِبالها، وعَنترةَ فوارِسها ونِزالها، فلن يخلوَ كَلامي مِنَ الخطأِ عند الانتقادِ، ولن يَصفو جوابي مِنَ الغَلطِ عند النُّقاد؛ «فالكلامُ الَّذي لا يأتيه الباطل مِنْ بين يَدَيْه ولا مِنْ خَلْفِهِ، هو كلامُ الله في كتابِه العزيزِ الكريم، وكلامُ مَنْ شَهِد بعِصمَتِه الذِّكرُ الحكيم، وكُلُّ كلامٍ بعد ذلك، فله خَطأٌ وصَواب، وقِشْرٌ ولُباب»(١).
ولو أنَّ طَلبةَ التَّعليمِ العالي مِن أمثالِي تَركوا الذَّبَّ عن الحقِّ استعجالًا في طَلبِ الرُّتَب الجامعيَّة وشَواهدِها، واستثقالًا للذَّبِ عن أصولِ المِلَّة وقواعِدها، لكانوا قد أضاعُوا كثيرًا، وطَلَبوا -والله- حقيرًا! لكنْ حَسبيَ الله، وأنِّي مَحفوفٌ بثُلَّة عالِمةٍ مُبارَكة مِن علماء المغربِ والمشرق -حَرسَهم الله مِن كلِّ سوء-