للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو شهرًا .. ومن لا يجد في الصِّيام ما ذكرناه سابقًا، فليبتعد عنه وهو مطمئنُّ النَّفس! وليُطعم مسكينًا إن استطاع ذلك، أو ليقُم بعمل آخر يمكنه أن يجلب له ما يُشعره بالاطمئنان» (١).

ولا غروَ عندي في أن يقول مثلَ هذه الموبقات مَن يُنكر سورةَ الفاتحة أن تكون من القرآن! بدعواه أنَّ الدَّعوات المذكورات فيها لا يُعقل أن تكون من الرَّب! إن هو إلَّا قول البَشر! وأكثر الصَّحابة إنَّما توهَّموا بسماعها من النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّها قرآن ووحي من السَّماء، وليس الأمر كذلك! (٢)

و (أوزون) في كلِّ ذلك وزيادة، يحاول عن عبثٍ إظهارَ نفسه في مُقدِّماتِ مُؤلَّفاته بزيِّ الغيور على الدِّينِ، الذَّاب عن حياضِ التُّراث؛ فإذا شارَف القارئ على بلوغ خواتيم مُقدِّماته، انكشفَ له المستور مِن عَورتِه الفكريَّة المُناكفةِ للشَّريعة (٣)، وبانت له حقيقة هذا المُبشِّرِ المهووسِ بالحضارةِ الغربيَّة، بل وبديانتِهم النَّصرانيَّة! فهم مَن يستحقُّ عنده «وبجدارةٍ المكانةَ والسَّيطرةَ الَّتي وَصلوا إليها، لأنَّهم عَرفوا الله حقًّا! وجعَلوا مِن دينِهم خيرَ دياناتِ القرنِ الواحدِ والعشرين في محبَّة الله ومحبَّة الإنسان» (٤).

الفرع الأوَّل: موقف (أوزون) من السُّنة النَّبوية.

أمَّا موقف (أوزون) من السُّنة، فشبيهٌ بموقف سَلَفه (شحرور) في تقسيمِه لها، فهو ينفي أن تكون السُّنة وحيًا مَعصومًا في أصلِها، بل بشرِيَّةً نابعةً عن اجتهادٍ خالصٍ (٥)، فحتَّى لو صَحَّ عنده جدلًا هو في صِحَّة حديثٍ من قول النَّبي صلى الله عليه وسلم، فإنَّه غير لازم أن يأخذ به ويعتقد ما فيه، لتفريقِه المبتدَعِ بين مَقامين:


(١) «الأركان في الميزان: الصوم» لزكريا أوزون (ص/١٠١).
(٢) «الأركان في الميزان: الصلاة عسكرة الرحمن» لزكريا أوزون (ص/١٥٥).
(٣) صرَّح بأنَّ تبنِّي العلمانيَّة هو الحل لأزمات العرب في كتابه «الإسلام هل هو الحل؟».
(٤) «لفق المسلمون إذ قالوا» لزكريا أوزون (ص/٢٠٧، ٢٠٩).
(٥) «جناية البخاري» (ص/١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>