للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلأجل تحقيق هذه الغاية الحرام، سَوَّغَ (أوزون) عبثَه في أحاديث البخاري، من غير أن يُبين عن منهجٍ واضح ولا أصولٍ نقديّة جليَّةٍ يرجع إليها؛ ما هو إلَّا التَّشغيب بشُبهات مُحدثةٍ على متون الكتاب، نأتي على كشفِها عند دفعِ المُعارضات عن الأحاديث المَدروسة في القسم الثَّاني من هذا البحث إن شاء الله.

والمؤلِّف سارٍ في كتابه على ما جَرَت عليه عادة أعداء حمَلة السُّنن من الإمعانِ في الطَّعن بخيارِ الصَّحابةِ مِن مُكثري الرِّواية، كعائشة، وأبي هريرة، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم (١)؛ كلُّ كلامه فيهم منسوخ مِن كتابِ «أضواء على السنة المحمَّدية»، لم يُكلِّف نفسَه الرُّجوع إلى جواب أهل السُّنة عن عوارِ هذا الكتابِ؛ فلا كَأنَّ السِّباعيَّ ردَّ عليه، ولا أنَّ المُعلِّمي نكَّل به! إذن لعلَّه نَجى مِن الوقوعِ في بعضِ تلك الطَّوامِ الَّتي أوقعَ فيها نفسَه تبعًا لـ (أبوريَّة).

ثمَّ زادَ على كتابِه شنارًا حين حَشاه بخَطايا (عبد الجواد ياسين) في كتابِه «السُّلطة في الإسلام»، فقد أخلص في تقليد هَفواتِه في السُّنة النَّبويَّة حذوَ القُذَّة بالقذَّة.

والرَّجل فوق هذا كلِّه مُغرَمٌ بالسَّرقاتِ العلميَّة في كتابه، ينقُل طعونَ غيرِه بحروفِها في أخبار «الصَّحيحين» دون إحالة، تشبُّعًا بما لم يُعطه مِن القبائح، كالَّذي فعله من انتِحالِ كلامٍ ساقطٍ لـ (نيازي عزِّ الدِّين) في رجمِ الزَّاني المُحصَن (٢).

ناهيك عن تدليسه في نسبةِ الأقوالِ إلى غير قائلِيها، إمعانًا منه في التَّدليس وتزويرِ التَّاريخ؛ من ذلك نسبتُه إلى الأديبِ الرَّافعيِّ في كتابِه «تاريخ آداب العربيَّة» القولَ: بأنَّ أبا هريرة رضي الله عنه كان أوَّلَ راويةٍ اتُّهِم في الإسلام! مِن غيرِ أن يَذكُر (أوزون) موضعَ هذا النَّقلِ مِن كتابِ الرَّافعي (٣).


(١) انظر «جناية البخاري» (ص/١٩).
(٢) قارن بين ما في «جناية البخاري» (ص/٤٥) و «دين السلطان» لنيازي (ص/٩٤٨).
(٣) «جناية البخاري» (ص/٢٠) في الهامش التاسع.
وقد أشبه أوزون في فعلته هذه فعلَ إمامه أبو ريَّة حين نسب هذا القول للإمام ابن قتيبة، رغم أن ابن قتيبة إنَّما نسبه للنَّظام المعتزلي، ثمَّ نقضه وكشف بطلان هذه التُّهمة، انظر «الأنوار الكاشفة» للمعلمي (ص/١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>