للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والَّذي علينا التَّنبه إليه هنا: أنَّ طبيعة هذه الشُّبهة كانت محتاجةً لكشفِها وقتَ بروزها على يَدِ مثل هؤلاءِ الكُتَّاب المُبرَّزين، إلى مَن يسبر أقوال المُحدِّثين، ويستحضر مُمارساتهم النَّقديَّة مِن مَظانِّها، ومَن له اطِّلاعٌ واسعٌ على تأصيلاتهم في كُتب الحديثِ والتَّواريخ، واستقراءٌ لأحكامهم التَّطبيقيَّة في كتب التَّخاريج والعِلَل.

وهذه درجة لم يكُن قادرًا على بلوغِها إلَّا النَّادر من العلماء وقتئذ! من بعض مَن كان له فهم لهذا الفنِّ ونوعُ إلمامٍ بمُصنَّفاته؛ فقلَّ أن تجد هذا الصِّنف إبَّان تلك الحقبة العلميَّةِ المُوحِشة مِن تاريخ المسلمين، والَّتي عرفت ركودًا في شتَّى العلوم الشَّرعيَّة والكَونيَّة، فما ظنُّك بعلمٍ دقيقٍ مثل علم الحديث في نُدرةِ مشايخِه؟!

لقد كان غياب الدَّرس الحديثيِّ المتخصِّص، وقِلَّة الغائصين في أعماقِ نقده ودقائقِه، سببًا مؤثِّرًا في توالي الطُّعونِ في أربابِه، وتكاثر الاستشكالات مع تأخُّر الإجابات، والتباس الأمورِ على جملةٍ كبيرةٍ من المُثقَّفين، بسبب التَّسلُّط الفكريِّ الغَرْبيِّ على العقل العَربيِّ، أكرهَ الجماهير على مُسايرتِه والخنوع له.

<<  <  ج: ص:  >  >>